Home: Feature

مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن يأخذون بحق من خذلهم القانون

في بلدٍ أنهكتها الحرب أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي والرأي العام وجهة العدالة الوحيدة

زهرة القدسي
12.04.2021 7.51am
توجه الكثير من مستخدمي ومؤثري مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن للحشد والضغط على الجهات المعنية لإحقاق العدالة أو القصاص في قضايا تخاذلت فيها السلطات
|
Allexxandar / Alamy Stock Photo. All rights reserved

في الخامس من مارس/آذار ٢٠٢١، أثارت قضية الطفلة أسماء رمزي محمد هاشم مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن بعد أن تم اختطافها في مدينة تعز جنوب البلاد. تداول مستخدمي الفيسبوك صورتها للبحث عنها، كما انتشرت لقطات من كاميرات المراقبة لرجل يأخذها من جانب أحد المحلات التجارية لتنطلق عملية البحث عنه.

مع انتشار الخبر وتوسع عملية البحث من قبل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي تحركت الجهات الأمنية وتم العثور على الخاطف في مدينة عدن ومعهُ الطفلة المختطفة لترد إلى أهلها.

تم سجن الخاطف بعد ذلك في أحد سجون عدن. وأكدت مصادر لموقع شارع تعز على الفيسبوك أنه تم التعرف على خاطف الطفلة بعد نشر صورهُ على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن الحملة الإلكترونية هي التي أعادت الطفلة إلى أهلها.

قضية أسماء ليست الأولى من نوعها. فقد توجه الكثير من مستخدمي ومؤثري مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن للحشد والضغط على الجهات المعنية لإحقاق العدالة أو القصاص في قضايا تخاذلت فيها السلطات، من خلال نشر هاشتاغات ومنشورات تحدث تأثيرًا على الرأي العام. وقد وصل ذلك إلى تحريك الجهات المعنية للبحث والتحقيق في جرائم عديدة، أو حتى تنفيذ الأحكام على الجناة. وبذلك أصبحت منصات التواصل الاجتماعي منبرًا لليمنيين للضغط على المحاكم.

Help us uncover the truth about Covid-19

The Covid-19 public inquiry is a historic chance to find out what really happened.

الرأي العام يحرك القانون

في نوفمبر/تشرين الأول من ٢٠٢٠، تناقل مستخدمو الفيسبوك قضية مروى البيتي تحت هاشتاغ #كلنا_مروى_البيتي التي تصدرت قائمة الترند في تلك الفترة. تندرج قضية البيتي ضمن قضايا العنف المنزلي والعنف ضد المرأة.

ومروى البيتي، إمرأة يمنية كانت في السابعة والعشرين من عمرها عندما أحرقها زوجها أمام أطفالها، وماتت إثر الحرق الذي أصاب كامل جسدها. وجاءت حادثتها متزامنةً مع حملة ١٦ يوم لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي مع سلسلة من الحملات التي قادها مؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي منها حملة #لاتسكتيش التي قادتها جهاد محمد وهي مصورة فوتوغرافية وإحدى المؤثرات والناشطات المجتمعيات.

فقد قالت جهاد في حديثٍ معها حول سبب إطلاق حملتها #لاتسكتيش لمناهضة العنف ضد النساء والتي نُشرتْ ضمنها قصص تعنيف مختلفة : "أن ما يحتاجهُ المجتمع لمواجهة جرائم العنف، وضع قانون يردع ويعاقب مرتكبي العنف إضافةً لنشر الوعي بآثار العنف أيًا كان شكله حتى لو كان لفظيًا".

تضامنت صفحات مجتمعية عديدة مع قضية البيتي منها منصتي30-اليمن والحراك النسوي اليمني وأصوات السلام النسوية وغيرها. كما طالبت الناشطة عائشة الجعيدي في منشور لها على الفيسبوك في أواخر نوفمبر/تشرين الأول بضرورة مثول زوج البيتي أمام القضاء ليحاسب بالقانون داعية متابعيها للمساهمة بتحويل هذهِ القضية لترند.

ولدى سؤالها إن كان للرأي العام المتكون عبر مواقع التواصل الاجتماعي والهاشتاغ الذي نشرته أي تأثير باعتبارها أول الناشرين للهاشتاغ، اجابت: "نعم فبسبب المطالبات تحرك القانون والقضاء وتحملت منظمات المجتمع المدني المرافعة عن مروى ، لدرجة أنه كان هناك قضاة يتواصلون معي بالمجريات والتفاصيل".

ونتيجةً للمطالبات المجتمعية تبنت مؤسسة عدالة للتنمية القانونية قضية البيتي لتمثيلها قضائيًا والمطالبة بحقها الشخصي عن أولياء الدم. وعدالة هي مؤسسة مجتمع مدني تعمل في مجالات التنمية القانونية وبناء السلام لحماية الحريات الأساسية وفقًا للتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية.

وفي مراسلة لنا معها حول آخر مستجدات القضية أوضحت المؤسسة أن ما تبقى الآن هو المرافعة الختامية والتي يفترض أن يكون فيها النطق بالحكم، وأضافت: "إلى الآن جميع الإجراءات لصالحها ونحن نقوم بكل الجهود لتأخذ حقها".

إزدياد العنف

لم تكن قضية مروى البيتي قضية العنف الوحيدة التي تصدرت قائمة الترند على مواقع التواصل الاجتماعي، بل هناك قضايا أخرى كقضية العنود حسين شريان ذات الـ١٩ عام التي أقدم زوجها على احراقها بمادة كيميائية في أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢٠ ليشوه بذلك ملامحها وتتضررعينها بعد أربع سنوات من التعنيف المنزلي المستمر.

كان هدف العنود من نشر القضية حماية أختها وزوج أختها خوفًا من عودة المجرم لإكمال جرمه

أشعلت هذه القضية مواقع التواصل الاجتماعي في شهر فبراير/شباط ٢٠٢١ تحت هاشتاغ "#كلنا_العنود ، و #اشتي_حقي ، و "#نطالب_بحق_العنود ، كما تناولت قضيتها القنوات والمواقع الدولية رغم أن الحادثة قد وقعت قبل ثلاثة أشهر من انتشار الهاشتاغ، إلا أن القضية لم تصل للرأي العام إلا عندما قررت العنود اللجوء لمواقع التواصل الاجتماعي ليتم إنصافها.

كان هدف العنود من نشر القضية حماية أختها وزوج أختها خوفًا من عودة المجرم لإكمال جرمه والإنتقام من أختها من جهة ولحاجتها إلى مساعدات مالية لتسديد مبالغ المستشفى والأدوية من جهة أخرى.

لم تكن حملة العنود منظمة بل نشرت عن طريق تفاعلات فردية حتى وصلت للناشطين والإعلاميين والصفحات المجتمعية الذين لعبوا دورا كبيرا في نشر القضية، منها إتحاد نساء اليمن وهي منظمة مدنية تعمل على دعم قضايا المرأة وهم من قاموا بالتواصل مع صحفيين ونشطاء بإعتبار القضية إنسانية، كما نشرت صفحة الحراك النسوي اليمني على صفحتها على الفيسبوك تضامنها الكامل مع القضية.

وفي لقاءٍ معها قالت العنود: "الرأي العام كان عند مستوى التوقع واستفدتُ كثيرًا، فقد استجابت لي الدولة وتعاملت معي على أحسن وجه؛ وبسبب الرأي العام الذي تكون تم القبض على المجرم وبفضله أجريت لي عمليتين."

ذكر تقرير لهيومن رايتس ووتش لعام ٢٠٢٠ أن ضحايا العنف الجنسي في اليمن يتعرضون للوصم الشديد، مما يعني احتمالية وجود نقص في الإبلاغ. ووفقا لـ صندوق الأمم المتحدة للسكان، زاد العنف ضد المرأة بنسبة ٦٣٪ منذ تصاعد النزاع في اليمن. كما أوضح تقرير لمنظمة العفو الدولية لعام ٢٠١٩ أن اليمن تحتل المرتبة الأخيرة في المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين الذي وضعه المنتدى الاقتصادي العالمي للسنة الثالثة عشر على التوالي، وأن النساء يعانين من عدم المساواة في النوع الاجتماعي نتيجةً للنزعة الذكورية المتوغلة في المجتمع. كما أوضحت منظمة الأمم المتحدة أن الإغلاق وأزمة كورونا والقيود الأخرى المفروضة على حركة النساء زادت من حدة العنف القائم على النوع الاجتماعي خاصةً العنف المنزلي.

ليس فقط العنف ضد النساء

لا تقتصر حملات المناصرة والمطالبة بالقصاص على مواقع التواصل الاجتماعي على قضايا التعنيف المنزلي والعنف ضد المرأة والتحرش فقط، وإنما تعدتها إلى قضايا القتل والاحتجاز التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري.

وثّق تقرير هيومن رايتس ووتش لعام ٢٠١٩ "عشرات حالات" الاحتجاز التعسفي والمسيء والاختفاء القسري على يد الحوثيين. وذكر أيضًا أن أمهات وزوجات المحتجزين تظاهرن خلال عام ٢٠١٩ أمام السجون للمطالبة بالإفراج عن ذويهم المحتجزين، كما انشأت مجموعة رابطة أمهات المختطفين والتي ذكرت أن هناك ٣٤٧٨ حالة اختفاء، قُتل منهم ١٢٨ على الأقل.

في أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٩ أشعلت قضية صامد العمري مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ #متى_العودة #صامد_العمري بعد أن نشرت إسراء وهيب، خطيبة العمري صورةً لها على الفيسبوك بلباس التخرج وهي حاملةً صورة العمري لتوجه رسالةً لخطيبها المعتقل في سجون الحوثيين منذ سنوات، قالت فيها: "رغم أن الفرحة كانت ناقصة بغيابك لكنك حضرت في لمعة عيني المشتاقة". ثم أتبعتهُ بهاشتاغ #متى_العودة ، والذي أصبح في تلك الفترة ترند على مواقع التواصل الاجتماعي تفاعل معه العديد من المستخدمين والمؤثرين مطالبين بالإفراج عنه.

اعتقال العمري كان قد تم دون تهمة تذكر سوى أنه كان ناشطاً. وبسبب الزخم الذي أحدثهُ الهاشتاغ آنذاك نجحت وساطة محلية في إتمام صفقة تبادل ١٣٥ أسيرًا ومختطفًا بين الحوثيين والجيش الوطني وكان من ضمنهم العمري بعد أربع سنوات من احتجازه.

أما في عام ٢٠٢٠ برزت قضية عبدالله الأغبري التي اختلفت عن سابقاتها. الأغبري شاب في الرابعة والعشرين من عمره قتل في ٢٦ أغسطس/آب الماضي على يد عصابة أثناء جلسة تعذيب استمرت لمدة ست ساعات. ولا يزال بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يستخدمون هاشتاغ تلك الحملة #كلنا_الأغبري حتى اللحظة.

ووصل استخدام الهاشتاغ إلى أكثر من ٣٥٠٠ من مرتادي موقع فيسبوك وذلك بعد انتشار فيديو يظهر فيه وهو يتعرض للتعذيب من قِبل خمسة أشخاص في أحد متاجر الهواتف في العاصمة صنعاء، مما أثار غضب مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لتتحول تلك المنشورات إلى مظاهرات للمطالبة بالقصاص والتحقيق في القضية.

أدى هذا الغضب لتحرك النيابة التي قامت بالقبض على المتهمين في التاسع من سبتمبر/أيلول ٢٠٢٠ ومتابعة سير القضية لتصدر حكمًا على الجناة في ١٧ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢٠ بإعدام أربعة منهم رميًا بالرصاص والسجن على الخامس بالحبس لمدة خمس سنوات ودفع ديّة مغلظة بقيمة خمس ملايين ريال (٨٠٠٠ دولار أمريكي)، وستة أشهر للمدان السادس، كما لايزال السابع والثامن منهم فارين من العدالة.

وضاح قطيش، المحامي الموكل إليه مرافعة قضية الأغبري قرر أن يعمل على القضية تطوعا منه بعد أن تأثر بالرأي العام المتكون حولها. يقول قطيش: "القضية لم ترفع إلى المحكمة العليا وقد صدر الحكم بإعدام أربعة قصاصًا والخامس بدفع دية مغلظة والسجن خمس سنوات بعد تغيير الحكم من الإعدام في المحكمة الابتدائية، كما تم الإفراج عن السادس قبل أيام والمحكوم عليهم لم يتقدموا بالطعون حتى اللحظة مع العلم أن الوقت المسموح به للطعن شارف على الإنتهاء". كما شرح المحامي أن هناك اثنين آخرين فارين من العدالة وأضاف انه يطالب الآن بالطعن بحكم الخامس ليعود للحكم الابتدائي وهو الإعدام.

لا تتوقف القضايا عن الظهور ولا تتوقف معها الحملات المساندة لها على مواقع التواصل الإجتماعي لتظهر الأخيرة كمراقب ومناصر ومتابع لتنفيذ الأحكام في وضع يمكن اعتباره مزري سياسيًا وقضائيًا.

We’ve got a newsletter for everyone

Whatever you’re interested in, there’s a free openDemocracy newsletter for you.

Had enough of ‘alternative facts’? openDemocracy is different Join the conversation: get our weekly email

تعليقات

نشجّع أي شخص على التعليق. الرجاء الرجوع إلى openDemocracy تعليمات أسلوب التعليق الخاص ب ن كان لديك أسئلة
Audio available Bookmark Check Language Close Comments Download Facebook Link Email Newsletter Newsletter Play Print Share Twitter Youtube Search Instagram WhatsApp yourData