لم تكن الصدفة أما للثورة السورية ولم نرثها عن أحد ولكننا ورثنا أسبابها ومسوغاتها ورأينا طريقا للإنتقال من مرحلة التوحد في الذات الحاكمة إلى مرحلة التعددية السياسية والفكرية.
ثلاثة أعوام والثورة تلبس أوجها لا تشبه بدايتها سوى في وجهها البشري. لاشيء يفصل بين الجسد الحر والفكرة الصاخبة فالثورة السورية عطش في الجسد ووعي جامح للإنسان ،أعوام الثورة غيرت خريطة الحياة في سوريا منفيون في الداخل وفي الخارج نبادل الدم بصور لحياة أجمل تجارة رابحة وعبودية جديدة.
الظروف كانت مهيأة للقيامة وينقصها النظرية الثورية القادرة على تحمل آلام الولادة من غير تعب فالبنية الاجتماعية والسياسية التي أنتجها النظام تتهاوى والحاجة ملحة لحجر أساس نبني عليه ونتكئ إذا ما دخلت الأفكار الفوضوية ومما رساتها الشارع الثائر.
الهوية والإنتماء معالم كانت جاهزة ومعدة لاعتناقها كما هي في بعدها عن الحقيقة هويات عديدة لها جماعات تخيط الثقوب في عباءة السلطة وتشرع وجودها الأخلاقي والسياسي. رؤية الثورة من الأعلى تجعلنا نفهم خطاب السلطة القائم على تفتيت البنية الإجتماعية وإظهارها كتلة واحدة من الطوائف والاثنيات المتصارعة وهو الرابط (النظام) والضامن الوحيد لوجودها، هذا الخطاب سيواجه نقيضه في الشارع، إن ضرورة الثورة ستؤدي لبلورة الهوية الوطنية باعتبارها مشروعا اجتماعيا وسياسيا شاملا يهدم القديم ويضبط الحراك الثوري في ايقاعه المتسارع بعد انقطاع تاريخي طويل.
والآن يتشكل فكر جديد وكثير مما عرفناه وعشناه وفق قيمه ومبادئه يسقط والمكان يفرغ ويتسع لقليل من النظريات وكثير من التطرف وحتى نشبه أنفسنا ونكون ما نريد نعيش وفق قوانيننا الخاصة ملحمة البقاء والتجدد أو المحافظة.
إن الموت لم يكن ضرورة من ضرورات الثورة لكنه أصبح محركا للعواطف والغرائز الدينية و للعديد من القوى الداخلية والخارجية التي استثمرت جرحنا المفتوح وتربحت منه.
لم يكن الموت ضرورة لانتشار الثورة، رؤية الثورة من الأعلى توضح أن النظام استخدم الدين قبل الثورة لإرهاق الشخصية السورية واقناعها بعدم قدرتها على التغيير ليكون الله منديل الدموع والمخلص المنتظر للمجتمع.
أما في مرحلة الثورة فقد كانت الشخصية الوطنية السورية مجالاً حيوياً لممارسات النظام الذي عمد على تشويهها وتجريدها من إنسانيتها عبر وصفها بالإرهاب والتطرف، ومن جهة أخرى استغلت أطراف معارضة الدين وهي ذات توجه إسلاموي وجعلته وقوداً للثورة و وقوداً لطموحاتهم السلطوية ،هكذا صار الدين حضنا يبرر حمل السلاح. إذ لا بد من فكرة تقف وراء العنف في ظل وجودٍ ضعيف لمفهوم الوطن والوعي السياسي حيث تغيب الحرية كمفهوم للوجود وكقيمةٍ ليحل مكانها الجهاد بمعناه البعيد عن واقع الارض السورية.
عناصر كثيرة دخلت في السياق العام للثورة منها القريب ومنها الغريب عن ثقافتنا أخطرها العنف المتبادل بين النظام والجماعات الجهادية ، وكلها تتصارع لتجد منفذاً الى السلطة، أما العامل المتجدد والجامع للشعب بكل أطيافه هو النزعة للحرية والعدالة في ظل دولة وطنية حقيقية.
لقراءة المزيد
تلقَّ بريدنا الأسبوعي
تعليقات
نشجّع أي شخص على التعليق. الرجاء الرجوع إلى openDemocracy تعليمات أسلوب التعليق الخاص ب ن كان لديك أسئلة