Home

الأمم المتحدة والأطفال المشاركون في النزاعات المسلحة: مباريات سياسية؟

Hogg.jpg

من المفترض أن تؤدي آلية الرصد والإبلاغ عن الأطفال المشاركين في النزاعات المسلحة إلى حماية هذه الفئات الأكثر ضعفاً، ولكن بعض الدول تستخدم سلطتها السياسية على نحو فعال لتفادي الخضوع للمراقبة والتدقيق.  FrançaisEnglish

Veronica Yates Charu Lata Hogg
30.07.2015

يصادف هذا الشهر مرور عقد من الزمان منذ صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1612 بالإجماع، والذي أنشأ آلية الرصد والإبلاغ (MRM) لجمع معلومات دقيقة وفي حينها وموضوعية عن ستة انتهاكات جسيمة ارتكبت ضد الأطفال في الصراعات المسلحة. ومع ذلك، كانت توجد علامات في السنوات الأخيرة على أن المصالح السياسية للدول القوية تهدد بشكل متزايد تطبيق هذه الآلية بشكل سليم. لقد نجت أطراف الصراع، التي ينبغي رصدها وتحديدها ومحاسبتها لارتكابها انتهاكات فظيعة ضد الأطفال، بدون عقاب.

وعلى العكس من ذلك، فقد تم إلغاء عمليات فحص السياقات المطلوب رصدها قبل الأوان والاستكمال. وفي الوقت الذي يشكل فيه العدد المتزايد من الصراعات المعقدة في جميع أنحاء العالم تحديات جديدة لحماية الأطفال، فإن الذكرى السنوية العاشرة هذه تمثل فرصة هامة لإلقاء نظرة على بعض الإنجازات وتحديد العوائق.

يتم تنفيذ آلية الرصد والإبلاغ رسمياً في أي صراع يتم فيه إدراج طرف أو أكثر في هذا الصراع على "قائمة العار" في ملاحق التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأطفال والصراعات المسلحة. في الماضي، كان يتم إدراج الأطراف التي تجند وتستخدم الأطفال فقط في هذه الملاحق. منذ عام 2009، يمكن أن تكون الانتهاكات الجسيمة الأخرى سبباً لعملية "الإدراج" على قائمة العار: القتل والتشويه والعنف الجنسي والهجمات على المدارس والمستشفيات واختطاف الأطفال.

بمجرد إنشاء آلية الرصد والإبلاغ، أصبح لديها الولاية للرصد والإبلاغ عن جميع الانتهاكات الجسيمة الستة، وعن جميع أطراف النزاع. يقوم أعضاء فرقة العمل القطرية للرصد والإبلاغ (CTFMR) بالأمم المتحدة وما لديهم من مجموعات العمل التقنية أيضاً بتنسيق الدعوة والردود المبرمجة للانتهاكات التي يوثقونها. وغالباً ما يتم ذلك من خلال التوقيع على خطط العمل المشترك بين الأمم المتحدة والطرف المدرج في القائمة. خطط العمل هذه محددة بفترة زمنية وتفرض على الطرف "المدرج في القائمة" سلسلة من التدابير القانونية والسياسية والعملية.

Hogg.jpg

Flickr/Eye Steel Film (Some rights reserved)

A former child soldier in South Sudan. Impressment into military action and violence is a grave violation against children's human rights.


تتوقف الآلية بعد توقف الانتهاكات وتنفيذ خطة العمل (إن وجدت) بشكل كامل. ولكن من المفترض أن يستمر الرصد لمدة سنة واحدة على الأقل بعد شطب جميع الأطراف من القائمة، لضمان عدم تجدد الانتهاكات.

ومما لا شك فيه، فقد أثبتت هذه الآلية أنها أكثر بكثير من مجرد أداة "تحديد ووصم بالعار" للأطراف التي تنتهك حقوق الطفل. إذ تلعب هذه الآلية دوراً هاماً في ممارسة الضغوط التي تؤدي إلى مساءلة أطراف النزاع وضمان امتثالها لمعايير القانون الدولي وحماية الطفل. حتى الآن، قد أدت 20 خطة عمل موقعة مع أطراف في 13 حالة قطرية مختلفة إلى تخليص آلاف الأطفال من القوات والجماعات المسلحة.

ولأن البلدان المتضررة نتيجة الصراعات المسلحة تواجه تحديات خطيرة عند تطبيقها سيادة القانون والعدالة، و قد أثارت خطط العمل إصلاح مؤسسي طويل المدى في بعض السياقات. وقد كانت هذه التغييرات أكثر بروزاً في ضمان تنفيذ القوانين التي تجرم الانتهاكات ضد الأطفال، بما في ذلك تجنيد الأطفال دون السن القانونية واستخدامهم. في بعض الحالات، نشأت موانع عملية، مثل وحدات حماية الطفل في غرب أفغانستان التي رفضت 418 طلباً للمتقدمين من الأطفال دون السن القانونية ومنعتهم من الانضمام إلى الشرطة الوطنية الأفغانية والشرطة المحلية الأفغانية منذ 2014.

الأمين العام للأمم المتحدة هو من يتخذ قرار "الإدراج في القائمة" أو "الشطب من القائمة" لأي طرف في الصراع استناداً إلى توصيات ممثله الخاص (SRSG) بشأن الأطفال والصراعات المسلحة، حيث يقوم مكتبه بتنسيق جميع المعلومات المتعلقة بآلية الرصد والإبلاغ. إدراج أي بلد في القائمة يضعه تحت الفحص والتدقيق بواسطة مجلس الأمن الدولي ويفتح إمكانية اتخاذ تدابير عقابية ضده.

 مثل هذه الضغوط التي تمارسها الدول للتأثير على مجال عمل آلية الرصد والإبلاغ لا تؤدي فقط إلى تجاهل بعض الحالات، ولكن تؤدي ابضاً إلى تسييس للآلية. وعلى نحو غير مفاجئ، تشعر الحكومات بالقلق بشكل خاص حول إدراجها في قوائم الملاحق، أو حتى حول ذكرها في محتوى التقارير السنوية للأمين العام. ويعارض عدد قليل (ولكنه صاخب) من الدول  باستمرار عملية الإدراج في القائمة، ويشككون في نتائج الأمم المتحدة، بحجة أن الحالة ليست إحدى حالات النزاع المسلح، أو أنها ليست رسمياً على أجندة مجلس الأمن الدولي. مثل هذه الضغوط التي تمارسها الدول للتأثير على مجال عمل آلية الرصد والإبلاغ لا تؤدي فقط إلى تجاهل بعض الحالات، ولكن تؤدي ابضاً إلى تسييس للآلية.

وقد اتضحت هذه المشكلة مؤخراً بقرار من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بعدم إدراج قوات الدفاع الإسرائيلية (IDF) والجماعات الفلسطينية المسلحة على قائمته بعد أن مارست إسرائيل وحلفاؤها الضغوط السياسية على مكتبه. وقد تم اتخاذ القرار وفقاً للتقارير ضد توصية الممثل الخاص للأمين العام ورغم وجود أدلة موثقة من الأمم المتحدة على وقوع هجمات على المدارس والمستشفيات، وعمليات قتل وتشويه الأطفال، واستخدام الجيش الإسرائيلي لطفل كدرع بشري خلال عملية الجرف الصامد على غزة في صيف عام 2014. وعلى نحو مماثل، فقد تم تجاهل تقارير الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي تفيد بأن الجماعات الفلسطينية المسلحة قتلت وشوهت الأطفال، وجندت واستخدمت الأطفال واستخدمت المدارس لأغراض عسكرية. ويمكن القول، فإنه لا يتم باستمرار تطبيق المعايير التي تحدد الأطراف الموصى بها للإدراج في "قائمة العار".

في حالات أخرى، تمنع الحكومات باستمرار وصول الأمم المتحدة إلى بلادها، أو إلى مناطق معينة من بلادها، للتحقق من ادعاءات بوقوع انتهاكات لحقوق الطفل. على سبيل المثال، فقد تعرضت حكومة تايلاند لانتقادات من الأمين العام للأمم المتحدة لعدم سماحها للوصول بدون أي عائق لوكالات الأمم المتحدة التي ترغب في التحقق من الادعاءات المتعلقة بانتهاكات جسيمة لحقوق الطفل في المقاطعات الجنوبية. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذا الاستمرار في عدم التعاون، قامت الأمم المتحدة بمجهود متواضع للضغط على حكومة تايلاند حتى تمتثل.

تثير حالة تشاد تساؤلات أيضاً حول ما إذا كان الشطب من القائمة هو عملية شفافة يتحقق معها تنفيذ جميع التزامات خطة العمل الموقعة مع الأمم المتحدة. بعد شطبه من القائمة في عام 2014، كان ينبغي مراقبة الجيش الوطني التشادي لمدة عام آخر على الأقل. للبقاء خارج القائمة، يجب على الأطراف إثبات قدرتها المستمرة على الامتثال لالتزاماتها تجاه خطة العمل والامتناع عن ارتكاب الانتهاكات التي بسببها تم إدراجها في القائمة في المقام الأول. لقد أعربت المنظمة الدولية المعنية بالجنود الأطفال مؤخراً عن مخاوفها بشأن عدد من الأمثلة الأخيرة المتعلقة بعدم التزام تشاد. ومع ذلك، في تقريره 2015، قرر الأمين العام للأمم المتحدة أن "الوضع في تشاد سيتم حذفه من التقرير وذلك اعتباراً من عام 2016"، بدون أي تقييم عام.

يمكن أن يؤدي مجرد تصور وجود تحيز إلى تقويض مصداقية الآلية. وهذا بدوره يؤدي إلى تكاليف سياسية كبيرة محتملة، كما يوضحه مؤخراً بعض الحكومات التي تنتقد عدم إدراج الجماعات الفلسطينية المسلحة وخصوصاً الجيش الإسرائيلي في تقرير 2015 للأمين العام للأمم المتحدة. والأهم من ذلك، يمكن أن يؤدي ذلك إلى حرمان الأطفال المتضررين من النزاعات المسلحة من التدخلات الضرورية. ومع ذلك، فإن حقيقة أن بعض الحكومات تبذل جهداً سياسياً كبيراً لتجنب إدراجها في القائمة هو مؤشر جيد على إمكانات نظام آلية الرصد والإبلاغ لحماية الأطفال في الصراعات المسلحة. ولكن يجب على الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الأخرى مقاومة التدخلات السياسية من خلال ضمان أن أولئك المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال يتم استنكار أفعالهم وانتقادهم بشدة. في ذكراها السنوية العاشرة، يجب أن يكون تعزيز آلية الرصد والإبلاغ على رأس أولويات الأمم المتحدة. تعتمد حياة الأطفال على ذلك.

imgupl_floating_none

Had enough of ‘alternative facts’? openDemocracy is different Join the conversation: get our weekly email

تعليقات

نشجّع أي شخص على التعليق. الرجاء الرجوع إلى openDemocracy تعليمات أسلوب التعليق الخاص ب ن كان لديك أسئلة
Audio available Bookmark Check Language Close Comments Download Facebook Link Email Newsletter Newsletter Play Print Share Twitter Youtube Search Instagram WhatsApp yourData