Home

توجيه العمل في مجال حقوق الإنسان من أجل فلسطينيي العالم

 لقد انتشرت بكثرة التعديات الإسرائيلية على حقوق الفلسطينيين ومنها نزع ممتلكاتهم واستغلالهم، ولا تملك المجتمعات المدنية المحلية إلا قدرة محدودة على إحداث تغيير. لمنع هذه الممارسات غير القانونية، يمكن أن تقوم جماعات حقوق الإنسان بحشد دول العالم الثالث، ويجب عليها ذلك، انطلاقاً من التزاماتها المحلية لجعلها ممتثلة للقانون الدولي. Türkçe, EspañolFrançais, English.

Valentina Azarova
21.11.2013

 على الرغم من أن المتشككين مثل ستيفن هوبجود ("حقوق الإنسان: لم تعد ذات نفع") يجادلون بأن النموذج العالمي لحقوق الإنسان الذي يدافع عنه جماعات حقوق الإنسان الدولية قد وصل إلى نهاية حدوده النظرية، فلا تزال جماعات حقوق الإنسان –التي تسعى إلى كبح جماح سلوك الدول المستبدة– تستخدم القانون الدولي باعتباره المستوى الأدنى لسلوك أي دولة. التحدي الذي يواجه جماعات حقوق الإنسان منذ القدم هو أن تجعل امتثال الدول للقانون الدولي، غالباً تجاه الدول الأخرى، قوة عظمى تستطيع أن تؤثر في سلوك الدول وتحدده نوعيته.

 على الرغم من أن المتشككين مثل ستيفن هوبجود ("حقوق الإنسان: لم تعد ذات نفع") يجادلون بأن النموذج العالمي لحقوق الإنسان الذي يدافع عنه جماعات حقوق الإنسان الدولية قد وصل إلى نهاية حدوده النظرية، فلا تزال جماعات حقوق الإنسان –التي تسعى إلى كبح جماح سلوك الدول المستبدة– تستخدم القانون الدولي باعتباره المستوى الأدنى لسلوك أي دولة. التحدي الذي يواجه جماعات حقوق الإنسان منذ القدم هو أن تجعل امتثال الدول للقانون الدولي، غالباً تجاه الدول الأخرى، قوة عظمى تستطيع أن تؤثر في سلوك الدول وتحدده نوعيته.

الحقيقة هي أن الدول نفسها نادراً ما تهتم باحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان. الدول ليست مضطرة لتغيير سلوكها عندما يطالبها دعاة حقوق الإنسان بإظهار الاحترام فقط "لأن هذا هو ما يفرضه القانون". ولماذا يجب عليها أن تفعل ذلك؟ وما الذي يجبرها على فعل ذلك؟ العديد من الدول تنظر إلى القانون الدولي باعتباره مجموعة من "الخطوط الإرشادية" لتحقيق التعاون الدولي، أو باعتباره قانون ناقص، والتي تتطلب موافقتها وتستمد فعاليتها من الاستجابة الطوعية من الدول. فمن النادر بالنسبة لدول العالم الثالث أن تنجح في إجبار الدول المخالفة أن تتوقف عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان، على الرغم من أن دول العالم الثالث قد تلجأ لممارسة مثل هذه الانتهاكات لتبرر التدابير القسرية التي تفرضها لدوافع خفية.

في غياب قوة الإكراه، كيف يمكن لجماعات حقوق الإنسان أن تجعل الدولة المخالفة تمتثل للقانون الدولي، بغض النظر عن تشجيع دولة أخرى –مرتبطة بعلاقات مع الدولة المخالفة– لتمارس الضغط على الدولة المخالفة حتى تمتثل للقانون الدولي؟

ماذا بعد "تحديد المخالف وكشفه"

معظم الجماعات –التي تنشر حقوق الإنسان وإطار القانون الدولي وتوثق الانتهاكات– تسعى إلى زيادة وعي جمهور عريض، مثل صانعي السياسات والتابعين المؤيدين لهم، من خلال تنظيم الحملات وممارسة الضغط. في الممارسة العملية، معظم عمل هذه الجماعات يستلزم نشر المواد العامة لجذب اهتمام وسائل الإعلام المحلية والدولية من أجل الضغط على الدول لتغيير ممارسات مؤسسية معينة.

استخدام أسلوب "تحديد المخالف وكشفه" لتغيير ممارسات الدول –الذي يستهدف سمعة الدول في نطاق احترام حقوق الإنسان– هو أفضل ما يناسب منظمات مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، وذلك لأنها جماعات مجهزة بالصناديق والنفوذ الدولي وذات مصداقية تمكنها من جذب اهتمام المسؤولين رفيعي المستوى. ومع ذلك، تعتبر هذه الاستراتيجية أقل حظاً في النجاح عندما تستخدمها الجماعات المحلية، مثل المنظمات غير الحكومية الفلسطينية، حيث تفتقر هذه الجماعات عموماً إلى النفوذ السياسي الدولي، وغالباً ما يتم وصفها بأنها متحيزة للجهات المؤيدة لإسرائيل.

سوف يعترف العديد من جماعات حقوق الإنسان بأنفسهم بأنهم يبالغون في التركيز على التقارير والبيانات الصحفية والمؤتمرات وورش العمل التي غالباً ما تستجيب للانتهاكات بدلاً من الاستهداف المسبق لقضاياها الجوهرية السياسية. لا يعتمد إنفاذ القانون الدولي، حيث يجب إنفاذه، فقط على الاتجاهات السياسية، ولكن أيضاً على عواقب انتهاكات معينة بموجب أنظمة قانونية وسياسية محلية في بعض الدول.

على الرغم من أهمية الجهود الرامية إلى توثيق الانتهاكات والدعوة لإجراء تغييرات في الخطاب السياسي والإجراءات القانونية، فإنه توجد حاجة إلى مزيد من التفكير لتخصيص الموارد المحدودة لخدمة المنهج التقليدي "تحديد المخالف وكشفه". كيف يمكن إجبار الدول على احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي وأيضاً مطالبة الدول الأخرى الامتثال بحسن نية؟ هذا سؤال مهم ليس فقط في السياق الإسرائيلي/الفلسطيني، ولكن أيضاً في سياقات أخرى كثيرة تتميز بالجمود السياسي والصراعات الإقليمية، مثل الصحراء الغربية، شمال قبرص، أبخازيا، وناجورني كاراباخ أو جمهورية مرتفعات قرة باغ.

التغلب على الاجتهاد السياسي

يمكن أن تقوم جماعات حقوق الإنسان بتحسين فعاليتها إلى حد كبير من خلال كشف الطريقة التي تخرق بها دول العالم الثالث التزاماتها تجاه نظامها القانوني والسياسي المحلي من خلال علاقاتها الدولية مع الدول المخالفة.

على سبيل المثال، مبدأ عام من مباديء قانون الاتحاد الأوروبي –على النحو المنصوص عليه في معاهدة لشبونة، التي أنشأت الاتحاد الأوروبي، وعلى نحو ما أكدته محكمة العدل الأوروبية– هو أنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يضمن "احترام القانون الدولي في ممارسة نفوذه"، بما في ذلك في علاقاته الخارجية. لا يمكن للاتحاد الأوروبي –التزاماً منه بمبدأه العام المتمثل في "احترام القانون الدولي" وبالتزاماته تجاه سياسية معينة تتعلق بوضع الأراضي الفلسطينية باعتبارها أراضي محتلة– أن يعطي الأثر القانوني لمثل هذه الادعاءات الإسرائيلية غير القانونية من خلال السماح لمثل هذه الأفعال والمواقف التي يفتعلونها بتشكيل أساس لتطبيق قانون الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، وبسبب القصور في نصوص الاتفاقيات، يجد الاتحاد الأوروبي نفسه يقوم بذلك السلوك بالضبط.

تقوم جماعة ماتين (MATTIN)، وهي شراكة صغيرة قائمة على حقوق الإنسان مكرسة لتعزيز الامتثال للقانون الدولي بفاعلية أكبر أثناء النزاع المسلح والاحتلال العسكري (حيث أعمل مشاركاً)، بالتركيز على العلاقات والارتباطات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه. وهي تعتمد على التخصصات في القانون والاقتصاد والتجارة والسياسة التجارية لتبين لدول العالم الثالث أن أي مشاركة خاصة تتطلب تغييرات معينة في الممارسات المؤسسية الأخرى في الدولة.

منذ تسعينات القرن الماضي، ركزت جماعة ماتين على ممارسة ضغط استراتيجي والقيام بجهود لكسب التأييد، لتحقيق قدر أكبر من التوافق بين التزامات الاتحاد الأوروبي في إطار قانونه الداخلي والطريقة التي يقوم من خلالها بهيكلة علاقاته مع إسرائيل أو أي دولة مخالفة أخرى. وقد نجحت جماعة ماتين في تشجيع الاتحاد الأوروبي لمراجعة بعض تعاقداته مع إسرائيل من خلال توضيح أوجه القصور في طريقة هيكلته لها. مثال حديث على ذلك هو مجموعة من الخطوط الإرشادية التي صدرت في يوليو من هذا العام لإنفاذ قانون الاتحاد الأوروبي المعدل مؤخراً الذي ينص على استبعاد الكيانات الإسرائيلية المقيمة أو العاملة في المستوطنات (مثل أهافا وسلطة الآثار الإسرائيلية) من الحصول على تمويل البحوث والتنمية من الاتحاد الأوروبي.

الخطوط الإرشادية الأخيرة في الاتحاد الأوروبي –بخصوص أحقية الكيانات الإسرائيلية في الحصول على تمويل البحوث والتنمية من الاتحاد الأوروبي– تتناول فقط مجالاً واحداً من بين 60 مجالاً في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، والتي سوف تحتاج أيضاً للخضوع لتحليل مماثل وإمكانية مراجعة "تدبير الشأن الداخلي" لضمان التنفيذ "الكامل والفعال" لقانون الاتحاد الأوروبي. في المقابل، سوف تحتاج إسرائيل إلى إجراء التعديلات اللازمة في ممارساتها المؤسسية لتتوافق مع متطلبات الاتحاد الأوروبي باحترام قواعد القانون الدولي على النحو الوارد في قانونها الداخلي. ستكون النتيجة هي التثقيف الاجتماعي التدريجي في إسرائيل من خلال موائمة تلك القواعد.

لقد ثبت أن النموذج الذي وضعته جماعة ماتين فعال في دفع الدول والجهات الفاعلة الدولية، مثل الاتحاد الأوروبي، ليس فقط لتعزيز ولكن أيضاً لضمان احترام الدول التي تتعامل معها للقانون الدولي. المطالبة بالتوافق مع معايير قانونية معينة، مثل حقوق الإنسان والقانون الدولي، هي مسألة ضرورية قانوناً بالنسبة للدولة مما يجعل هذه المطالبة ليست مجرد إرادة سياسية أو اجتهاد سياسي.

هذا النهج له آثاره الطيبة في حالات أخرى غير حالة إسرائيل وفلسطين، لأنه يدفع صانعي القرار إلى احترام أو تنفيذ حقوق الإنسان والقانون الدولي بعيداً عن عالم الاجتهاد السياسي وفي داخل عالم الضرورة القانونية الداخلية. ينبغي تشجيع جماعات حقوق الإنسان –التي طالبت منذ أمد بعيد الدول والجهات الفاعلة الدولية بأن تستوعب مزيداً من أدوار النشطاء تجاه الدول التي تنتهك القانون الدولي– لاغتنام مثل هذه الفرص.

EPlogo-ogr-3.png

Had enough of ‘alternative facts’? openDemocracy is different Join the conversation: get our weekly email

تعليقات

نشجّع أي شخص على التعليق. الرجاء الرجوع إلى openDemocracy تعليمات أسلوب التعليق الخاص ب ن كان لديك أسئلة
Audio available Bookmark Check Language Close Comments Download Facebook Link Email Newsletter Newsletter Play Print Share Twitter Youtube Search Instagram WhatsApp yourData