Home

هل يمكننا بالفعل القضاء على ممارسة ختان الإناث في مصر بحلول عام 2030؟

FahmyJuly2015.jpg

بدون فهم و دراسة  العلاقة بين الأعراف الجنسية وممارسة ختان الإناث في مصر، سوف يكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل القضاء على هذه الممارسة. EnglishFrançais

Amel Fahmy
20.07.2015

وعلى الرغم من  استخدام مصطلح شعبى محايد فى مصر لوصف هذة العادة و هو مصطلح "ختان الإناث" ،  الا أنها عادة ضارة للغاية، و قد تؤدى الى الوفاه.  ولذلك  يطلق عليها  عالميا  مصطلح تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (Female Genital Mutilation) . ولكن لأسباب اجتماعية وثقافية ودينية، تعتبر التحديات للقضاء على هذه العادة كبيرة، فوفقاً لمنظمة الصحة العالمية واليونيسيف على التوالي، حوالي 125 مليون فتاة في جميع أنحاء العالم قد تعرضن لهذه الممارسة، بجانب حوالي 30 مليون فتاة معرضات لخطر الختان في العقد الزمني المقبل.

حالياً، تتضمن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs) المقترحة هدفاً يركز على القضاء التام على ممارسة ختان الإناث بحلول عام 2030.  وتنظر وكالات عديدة إلى ذلك باعتباره هدفاً يمكن تحقيقه، نظراً لتزايد المعرفة بأفضل الممارسات، و الاستراتيجيات الاكثر فاعليه. وقد أشارت مقالة نشرت مؤخراً على الرابط openGlobalRights إلى عده استراتيجيات رئيسية ، بما في ذلك تقديم الدعم للمجتمع المدني، وإنفاذ التشريعات  لمكافحة ممارسة ختان الإناث، و التعاون مع العاملين في مجال الصحة وغير ذلك. وفي حالة تنفيذ  هذة الاستراجيات يمكن أن يصبح الهدف قابلاً للتحقيق. و قد قامت البرامج المناهضة لختان الاناث فى مصر بتنفيذ معظم هذه الاستراجيات خلال فترة ال20 سنة الماضية ولكنها حققت نتائج متواضعة إلى حد ما.

بدأت الدعوة للقضاء على ممارسة ختان الإناث في مصر في أوائل سبعينات القرن الماضي، وقد تصاعدت بعد المؤتمر الدولي للسكان والتنمية (ICPD) في عام 1996. في البداية، عالجت معظم الأنشطة ممارسة ختان الإناث من المنظور الصحي وليس من المنظور الحقوقي. وقد أدى ذلك إلى تطبيب الممارسة، وليس الى خفض انتشارها. حالياً يقوم الأطباء  بإجراء أكثر من 70% من عمليات ختان الإناث في مصرعلى الرغم من أنها ممارسة يعاقب عليها القانون.

أصبحت أنشطة مكافحة ختان الإناث أكثر وضوحاً وتلقت مزيداً من التمويل في مصر عندما  وضعت من ضمن أولويات الدولة وعلى جدول أعمال المجلس القومي للطفولة والأمومة. ففي عام 2003، تأسست شراكة بين المجلس القومي للطفولة والأمومة في مصر والمنظمات غير الحكومية الوطنية ووكالات الأمم المتحدة المختلفة والجهات المانحة الأخرى بهدف القضاء على ممارسة ختان الإناث في مصر. ونتيجة لذلك، تم وضع برنامج وطني بعنوان "قرية نموذجية خالية من ممارسة ختان الإناث" لمساعدة الفتيات والعائلات على اتخاذ قرارات مستنيرة ضد ممارسة ختان الإناث. وقد تم تنفيذ البرنامج في 60 قرية في ست محافظات في المرحلة الأولى ، وارتفع العدد إلى 120 قرية فى المرحلة الثانية لتشمل 20 محافظة من أصل 27.

FahmyJuly2015.jpg

Flickr/Colin Manuel (Some rights reserved)

A girl in rural Egypt goes to retrieve water.


وفي عام 2008 تم إطلاق برنامج آخر على الصعيد الوطني، "البرنامج المشترك بين صندوق الأمم المتحدة للأنشطة السكانية واليونيسيف بشأن ممارسة ختان الإناث"، وتم تنفيذه على نطاق واسع لمدة سبع سنوات مما أدى إلى تعزيز أساليب استراتيجية القضاء على ممارسة ختان الإناث. وعلى المستوى السياسي، أصدرت وزارة الصحة المصرية في عام 2007 قراراُ وزارياً يحظر على العاملين في مجال الصحة إجراء عمليات ختان الإناث. وأعقب ذلك في عام 2008 تعديلات في قانون العقوبات لتجريم ممارسة ختان الإناث. وعلاوة على ذلك، قضت دار الإفتاء، وهي الجهة الرسمية لإصدار الفتاوى الدينية، بأن هذه الممارسة "غير إسلامية".

 فنسبة ممارسة ختان الاناث، لا تقل بالمعدل المطلوب. ومع ذلك، فقد كان لهذه البرامج أثر محدود. ولا تؤيد البيانات الأخيرة الصادرة عن المسح السكاني الصحي (EDHS 2014) في مايو 2015، وكذلك البيانات من مسح الشباب في مصر (SYPE) يونيو 2015، الادعاء بأنه يمكن القضاء على ممارسة ختان الإناث بحلول عام 2030. فنسبة ممارسة ختان الاناث، لا تقل بالمعدل المطلوب.

 قد أفادت البيانات الصادرة عن المسح السكاني الصحي في عام 2014، بأن نسبة انتشارختان الاناث بين النساء المتزوجات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15-45 تبلغ 92.3%، بنسبة انخفاض بلغت 4.7% على مدار ال20 سنة الماضية. وقد بلغت نسبة البنات المختنات حالياً و اللاتي تتراوح أعمارهن  بين 0-19 وفقاً لما أفادت به أمهاتهن 21.4% في عام 2014، بنسبة انخفاض بلغت 6% خلال  عشر سنوات. وعلاوة على ذلك، تعتزم 34.9% من الأمهات ممارسة ختان بناتهن في المستقبل؛ بنسبة انخفاض 2.7% فقط خلال فترة 20 عاماً. وقد أفاد مسح الشباب في مصر 2014 (SYPE) أن نسبة 77.9% من الشابات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15-29 ذكرن بأنهن مختنات، بنسبة انخفاض بلغت 7% على مدارخمس سنوات. النتيجة المقلقة في مسح الشباب في مصر 2014 (SYPE) هي أن نسبة 70.7% من الشابات ونسبة 68.6% الشباب الذكور المشاركين في الاستطلاع يعتزمون ممارسة ختان بناتهم في المستقبل.

قادت الحكومة المصرية و مؤسساتها معظم البرامج المتعلقة بمكافحة ختان الإناث خلال ال12 سنة الماضية و ركزت على رسالتين رئيسيتين: ختان الإناث ليس من التعاليم الدينية الإسلامية أو المسيحية؛ وختان الإناث له عواقب سلبية على الصحة. وتجنبت معظم هذه البرامج معالجة هذه القضية من منظور الحقوق والحريات الجنسية للمرأة .فبدون فهم و دراسة كاملة للعلاقة بين الأعراف الجنسية السائدة وختان الإناث في مصر، سوف يكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل القضاء تماماً على هذه الممارسة. ختان الإناث هو شكل من أشكال العنف ضد المرأة و يستخدم لممارسة السيطرة على جسد المرأة والحفاظ على النظام الأبوي الحالي. و غالبا ما يتم تفسير استمرار ممارسة ختان الاناث  فى مصر لأسباب ثقافية أو اجتماعية أو حتى دينية، ولكن جوهر الأمر في الأساس هو السيطرة على المرأة و جسدها.  و يتم النظرللحياة الجنسانيه للمرأة على أنها شيء يجب ترشيده وكبح جماحه من أجل مصلحة المجتمع، والاعتقاد في هذه الممارسة هو أمر راسخ جداً لدرجة أنه حتى تجريمه لا يبدو رادعاً بما يكفي للأجيال المقبلة.

وعلى الرغم من أن دراسات عديدة تشير إلى المرأة باعتبارها صانعة قرار رئيسية  فى تأييد ممارسة ختان الإناث، إلا أن بعض الدراسات التي بحثت دور الرجل وجدت أن نظرة الرجل لدوره داخل الأسرة يرتبط بقوة باستمرار ممارسة ختان الإناث. وكشفت دراسة أجريت في عام 2010 في مصر أن الرجل يؤكد على مفهوم "القوامة" التي تعني "المسؤولية" و"التفوق" و"الحماية". يشعر الرجل بأنه مسؤول عن حماية بناته وزوجته، وينظر إلى ممارسة ختان الإناث باعتبارها وسيلة هامة تساعده في أداء هذا الدور. ويعتقد غالبية الرجال الذين شاركوا في هذه الدراسة أن النساء غير المختنات "لا يفكرن إلا في الجنس" ويسعين إليه بإلحاح، ويعتقدون أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى علاقات خارج إطار الزواج.

يجب أن تعمل البرامج وتدخلات المجتمع على إنهاء التصور و المفاهيم السائدة  التى تربط بين معايير الرجولة والقوة والسيطرة الجنسية وممارسة ختان الإناث. وفي هذا الصدد، يجب أن يكون الرجال هم المجموعة المستهدفة الرئيسية في أي أنشطة نقوم بها. وفعلى الرغم من احتمالية تأيد المرأة  لختان الإناث، لكنه فى حقيقة الامر رأي الرجل وسلطته هو ما يدفع  استمرارية هذه الممارسة و لسوف تكرر الأجيال الشابة من الرجال ما فعله آباؤهم ما لم تتم معالجة جذور هذه المسألة في برامج توعوية ودعوية. وان لم نتناول ختان الاناث من هذا المنظور، فلن نرى نهاية لهذه الممارسة الضارة.

imgupl_floating_none

Had enough of ‘alternative facts’? openDemocracy is different Join the conversation: get our weekly email

Related articles

تعليقات

نشجّع أي شخص على التعليق. الرجاء الرجوع إلى openDemocracy تعليمات أسلوب التعليق الخاص ب ن كان لديك أسئلة
Audio available Bookmark Check Language Close Comments Download Facebook Link Email Newsletter Newsletter Play Print Share Twitter Youtube Search Instagram WhatsApp yourData