Read this article in English
اول مره تعرضت فيها للتحرش الجنسي كان عمري 9 سنوات ,في طريق العودة الى بيتي في العاصمة صنعاء مع الوالد استقلينا باص عام بينما كنت أحلم أنني عندما أصبح أكبر سنا سيكون لدي وظيفة وسوف اشتري الكثير من الشوكولا والدمى وفجأة شعرت شيء لمس أسفل ظهري. وكنت على يقين أنه سيكون صرصور أو حشرة لذا لم اتحرك أو اصرخ. لم أرغب أن اظهر امام والدي خوفي كنت أحب أن يرى شجاعتي حتى وان كنت خائفه. استمرت هذه الدغدغه الغير مريحه لمدة عشر دقائق تقريبا. عندما استرجلنا انا ووالدي من الحافله اكتشتفت ماالذي كان يدغدغني اسفل ظهري. لقد كانت اصابع رجل في الثلاثينات من عمره يجلس ورائي. عند نزولي من الباص شاهدت من خلال نافذة الباص وهو يرسل لي القبلات والنظرات القذرة. كت خائفة جداً وغارقه في الصمت وحالة من الصدمة. لم اخبر احد بما حصل وعشت في خوف لمدة خمسة ايام وقتها كرهت كل رجل في هذا الكون الا والدي.
الآن أنا في العشرينات ومازلت اتذكر ما حصل. لسوء الحظ انها ليست المرة الوحيدة التي اتعرض فيها للتحرش. أحيانا أجد نفسي أفكر، كم من الأطفال والنساء قد تحرش بهم او اغتصبهم هذا الرجل؟ إلى متى سنظل صامتين وترك هذه الحيوانات المفترسة على هيئة بشر تغزو أحلام أطفالنا وتدمر ثقة النساء بالرجال والعكس؟
كل يوم المرأة تمشي في الشوارع وتواجه التحرش الجنسي ولسوء الحظ، فإنه يصبح جزءا من حياتنا اليومية، ونحن النساء اضطررنا على التكيف مع ذلك إما عن طريق الصمت أو عن طريق الصراخ على المتحرشين. قررنا كسر حاجز الصمت ولفت الانتباه إلى ظاهرة التحرش الجنسي في شوارع اليمن. اقترحنا حملة تسمى "شوارع آمنة" لمكافحة التحرش إلى الشوارع Tacticaltech قامت بدعمها
الأهداف الرئيسية لهذه الحملة أن تحقق تحول في الثقافة من خلال إعطاء مساحة ليس فقط بالنسبة للنساء، ولكن أيضا للرجال في التحدث عن ما يحدث لهم في الشوارع بدلا من ابقائها وراء الأبواب المغلقة. نحن نريد تعبئة الناس وصناع القرار، وضباط الشرطة لتشكيل قانون جديد لمعاقبة المتحرشين.
في الحمله قمنا بتصميم خريطة الكترونيه يقوم من خلالها الضحايا بالأبلاغ عن التحرش مع الاشاره الى المكان. على سبيل المثال في 7 مايو تلقينا بلاغ من تعز من رجل يقول انه شاهد صاحب محل كان يحاول معانقة فتاه ولكنها حاولت صده بقوه. وحصلنا على تقرير اخر من فتاه قائله فيها ان مجموعه رجال في سياره كانوا يطاردوها في احدى شوارع العاصمه صنعاء. نهدف من خلال هذه الخريطه إلى الكشف عن الشوارع والمحافظات التي تكثر فيها حالات التحرش وتهدف ايضا إلى جمع البيانات وسوفا تساعد هذه البيانات صناع القرار في تشكيل قانون يجرم التحرش الجنسي في الشوارع. وتعريفنا للتحرش هو اي سلوك جنسي غير مرغوب او مقبول من الطرف الأخر.

صوره ارسلت من احدى الداعمين للحملة
وقد شملت الحملة أيضا التوعيه من خلال الفن ففي 25-27 أكتوبر 2011، استضفنا معرضا لأعمال فنانين محليين "عن التحرش الجنسي الشوارع، وتم انتاج شريط فيديو لخلق رائ عام مناهض لهذه الظاهره في اليمن. بالأضافة الى ذلك قام فريق الحمله بتصميم مدونه الكترونيه لتكون منصه رقمية تتيح للنساء والرجال التدوين حول هذه القضيه. حالياً نستعد لنشر كتاب بعنوان " يحدث في الشوارع" وفيها قصص واقعيه لنساء تعرضن للتحرش.
لقد تلقينا العديد من الدعم من الناس لمكافحة التحرش الجنسي عن طريق الكتابه لنا عن تجاربهم وارائهم حول ما يحتاج الى التغيير. بالأضافه قام البعض بأرسال صورهم وهم يحملون لافتات تتضمن رسائل مناهضة للتحرش. فمثلاً وصلت لنا هذه الصوره لطفل لديه لافته تقول" ارجوك لا تتحرش بأمي".

صوره اخرى من احدى الداعمات
من ناحية اخرى هناك من لم يدعم الحمله واتهم بعض الناس ان الحمله تشجع على التحرش الجنسي وتقوم بالترويج لذلك واننا نعمل على تشويه سمعة فتيات اليمن. قرأنا مؤخرا بيان على هذا الموقع الأخباري من شخص يقول انه ينبغي لنا أن نعتذر عن تشويه سمعة اليمنيين واليمنيات.
الحملة اعطت الفرصة للناس لكسر المحرمات في الحديث عن التحرش الجنسي, ففي صفحة الحملة في الفيسبوك فتحت العديد من النقاشات ولاحظنا ان العديد منهم يعتقدون من وجهة نظرهم ان لبس الفتاه هو السبب الرئيسي في التحرش الجنسي وان لديهم الحق في التحرش بهن.وهناك من تشعر بألمهم من خلال نقاشاتهم خاصة الفتيات و ايضاً الرجال يشتكون بأنهم لا يستعطعون الخروج من المنزل مع عائلاتهم دون التورط في شجار مع المتحرشين.آخرون لا يزالون ينكرون وجود ظاهرة التحرش الجنسي في اليمن أو يقولون أن هناك قضايا أهم في مجتمعنا من التحرش الجنسي فللأسف قضايا النساء وحقوقهن ليست اولويه بالنسبة لبعض الرجال والنساء.
الأسوأ هو عندما تشارك وسائل الاعلام في تشجيع هذه العقلية، أو حتى متواطئة في إخفاء الحقائق في ما يتعلق بقضايا المرأة. لدينا تجربة مع صحيفة الحياة اللندنية والتي تصدر احدى نسخها من السعوديه, الرياض.
تواصلت صحيفة الحياه معي من خلال احدى صحفيها في شهر ابريل 2012 وسألني عدة اسئلة حول حملة شزارع آمنة من اجل كتابة تقرير عن التحرش الجنسي في اليمن. في صفحتنا على الفيسبوك ذكرنا ان 90% من نساء اليمن يعانين من التحرش الجنسي وذلك استناداُإلى تقرير ناتج عن مؤتمر اقليمي نظمه صندوق الأمم المتحده للسكان عن التحرش الجنسي عبر 16 دولة عربيه بما في ذلك اليمن. وذكر التقرير ان 90% من النساء اليمنيان يواجهن التحرش الجنسي. وقد نشرت هذه المعلومات على العديد من المواقع الأخباريه وقام الصحفي في جريده الحياه بنشر هذه الأحصائيه في تقريره وكان عنوان التقرير" 90% من النساء اليمنيات هن ضحايا التحرش الجنسي وشبكة الأنترنت ملاذهن الأول"
بعد ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا المقال أي في شهر مايو من هذا العام قامت صحيفة الحياة بحذف هذه الأحصائيه من التقرير النسخة الألكترونيه وقامت بتقديم اعتذار رسمي نشرته في الصحيفة وفي تويتر بحجه ان الأحصائية 90% مبالغ فيها.

الاعتذار، كما نشر على موقع تويتر وفي الصحيفة
قامت الصحيفة بنشر الأعتذار بعد ان قام عدد من الرجال في تويتر في التغريد والطلب من الصحيفه في حذف هذا الرقم من تقريرها لما فيه من اسأء لليمنيين وبالفعل قامت الجريده بحذف الرقم بسرعه واصبح عنوان التقرير الجديد" ضحايا التحرش والأنترنت ملاذهن" لم تقم فقط الصحيفه بحذف الرقم بل ايضاً كلمة امرأة .
كنا نأمل أن الصحيفة قد قامت ببعض الأبحاث والدراسات لأثبات أن الرقم غير صحيح لكن للأسف لم تقم بأي دراسة وكان ذلك بمثابه صدمة لنا. فكيف يمكن لصحيف معروفة جيداً في الشرق الأوسط بسهولة ان تحذف حقائق بناءً على طلب مجموعه صغير في تويتر؟
وحاول كثير من الناس من التواصل مع الصحيفة للتوضيح للصحيفة بأن تصرفهم بعيد عن المهنية الصحفية. راسلنا الصحفي والصحيفة وارسلنا لهم دراسة قامت به منظمة محليه " مؤسسة اثر للتنمية" وبدعم من المبي (MEPI) وفي هذه الدراسة توضح أن 98.9% من النساء اليمنيات يواجهن التحرش الجنسي في شوارع العاصمة صنعاء" وطبعاً لم نجد أي رد من الصحفي او الصحيفة.
الموقف الذي حصل مع صحيفة الحياه اثار العديد من الأسئلة: لماذا كانت الأستجابة بسرعه لطلب مجموعه صغيره من الناس في تويتر؟لماذا تجاهلت الصحيفه التقرير الذي ارسلناه لهم ليثبت ان الأحصائية ليست مبالغ فيها؟ نحن الأن نواجه نوع جديد من السلطة الأبويه في وسائل الإعلام وعلينا ان نواجه ذلك بتحطيم هاجس المحرمات في الحديث عن التحرش الجنسي وكسر حاجز الصمت.
Read more
Get our weekly email
Comments
We encourage anyone to comment, please consult the oD commenting guidelines if you have any questions.