في النقاش بشأن "المسؤولية عن الحماية"، تتجمع الادعاءات والخرافات الثقافية واللغة معاً لتعزز العمل العسكري غير الحكيم. أصبحت التدخلات العسكرية في أي صراع ظاهرة تحدث تلقائياً دون وعي وعلى نطاق واسع. هل أصبحت التدخلات العسكرية شائعة جداً نتيجة دراسة علمية موضوعية أثبتت فعاليتها؟ أو هل هذا النقاش يعكس في الغالب التعليم اليومي في العديد من الثقافات في جميع أنحاء العالم، أن الأقوى ينتصر دائماً؟ ينتشر الترويج للقوة العنيفة –باعتبارها خيار لحل المشاكل والملاذ الأخير– في الثقافة العامة من هوليوود إلى مناهج التاريخ المدرسية. وتهيمن هذه الثقافة على هذا النقاش.
يصر أنصار "المسؤولية عن الحماية" على أن مذهبهم يفضل النهج غير العسكري. لكن لغة النقاش توحي بعكس ذلك: القوي بحكم التعريف يعني قوي وصحي، ولكن في نقاش المجتمع الدولي بشأن النهج تجاه الصراع، فإن القوي عادة ما يكون مرادفاً للجيش والعنيف. توحي العبارة ذات الحدين "الملاذ الأخير" بأن الخيار العسكري له مخاطر كبيرة، ولكن أيضاً إذا فشلت جميع الوسائل الأخرى، فهذا هو الخيار الذي لا يفشل. على سبيل المثال، يشير مقال جاريث إيفانز في هذا النقاش إلى الخيار العسكري باعتباره خيار يؤخذ في الاعتبار عندما لا يكون هناك "إجراء أقل حدة" متاح.
مع الآلاف من الأرواح المعرضة للخطر، لماذا نقرر اتخاذ "الإجراءات الأقل حدة؟". مثل هذه اللغة –التي كثيراً ما نسمعها حتى من أفواه أولئك الذين يلتزمون بصدق بحماية المدنيين– تؤيد حتماً الدعوة إلى اتخاذ إجراء عسكري، حتى لو كان ذلك ليس من الحكمة في شيء. الرسالة الضمنية هي أن الإجراء الخطير الوحيد بالفعل هو الإجراء العسكري. أي إجراء آخر هو ضعيف وتنقصه الحماسة.
هذه اللغة أيضاً تدعو القوى العالمية كالولايات المتحدة لإلباس التطلعات العسكرية لباس الخطاب الإنساني، بغض النظر عما إذا كان القصد أو التأثير النهائي لهذه التطلعات يساعد المدنيين على أرض الواقع أم لا يساعد. سوريا، بسبب دعمها المستمر لحزب الله، تعتبرها الولايات المتحدة عدواً على مدى عقود. هل يمكننا بجدية أن نعتبر الولايات المتحدة قد شاركت الآن فجأة انطلاقاً من قلقها على المدنيين السوريين؟ لقد شاركت الولايات المتحدة بالفعل في دعم جانب واحد عسكرياً في هذه الحرب، وقد زاد فقط عدد القتلى المدنيين نتيجة لذلك. إذا كان أي شيء، لقد جاء النقاش –بشأن أفضل السبل لحماية المدنيين في سوريا– متأخراً جداً، كان يجب تقييم توازن النتائج بالنسبة للمدنيين قبل تقديم أول دعم عسكري أو سياسي للمتمردين عام 2011.
لقد أتيحت لي الفرصة لقضاء بعض الوقت في جمهورية الكونغو الديمقراطية في السنوات الأخيرة، وذلك لتقييم استراتيجيات حماية المدنيين في حالة وضع المجتمع الدولي والأمم المتحدة كل آمالهم في الإجراء العسكري. العديد من الكونغوليين أنفسهم هم أيضاً يأملون بشدة في الخلاص العسكري. حتى الآن بعد مرور عقد من وجود قوة حفظ السلام (القبعات الزرقاء) وإنفاق مليارات الدولارات، لا يزال المدنيون عرضة تماماً للحرمان من الجماعات المسلحة وكذلك من الجيش الكونغولي المدعوم من الأمم المتحدة. هذا العام، واجهت الأمم المتحدة الضغط على نطاق واسع لتفعل شيئاً أكثر من ذلك. وعلى الرغم من عدم وجود أي تقييم موضوعي للإجراء الفعلي لحماية الشعب الكونغولي من التوجه العسكري الحالي، فإن الاستراتيجية "الجديدة" فقط التي استطاعوا تحقيقها هي تعزيز النهج العسكري والموافقة على وجود قوة للأمم المتحدة بتفويض هجوم صريح: مما يعني مزيداً من الإجراء العسكري، مزيداً من "القوة" الهجومية.
من المثير للاهتمام، أن دراسة حديثة تبحث في نوع مختلف من الصراع –حركات المقاومة ضد الأنظمة القمعية– تشير إلى أنه في السنوات المائة الأخيرة كانت حركات المقاومة غير المسلحة أكثر نجاحاً في تحقيق أهدافها من مثيلتها المسلحة. (تشينوويث، إيريكا، وماريا جي ستيفان. "لماذا تنجح المقاومة المدنية: المنطق الاستراتيجي للنضال السلمي"). مع إجراء بحوث كافية، يتضح أن فرضية وجود علاقة بين القوة العسكرية وإجراء الحماية في التدخلات الدولية قد تكون صحيحة، أو قد لا تكون صحيحة. ولكن في غضون ذلك هي إلى حد كبير أسطورة، تبسيط إرشادي يعطينا إجابة جاهزة وبسيطة لحالات معقدة. وهي أيضاً أسطورة تعطي الأمل لكثير من الناس، لأننا نرغب بشدة في وجود حل سريع لمعاناة الإنسان التي نشهدها في الصراعات التي تدفع لإجراء هذه المناقشات.
صناع القرار –المعنيون فعلاً بحماية المدنيين– في حاجة إلى معرفة هذا الافتراض غير الواعي الذي يفضل الخيار العسكري. بدلاً من الاستجابة لضغوط غير محسوبة لفعل شيء، أو لفعل شيء أكثر، ينبغي أن تستند القرارات السياسية إلى تحليل دقيق يواكب السياق لكل حالة معينة، وإلى تقييم حذر للغاية لتوقعات معقولة للعواقب. هذا النوع من التقييم هو ضروري قبل القيام بإجراء عسكري، أو قبل فرض عقوبات اقتصادية، أو قبل ممارسة أي ضغوط أخرى.
هؤلاء الذين في السلطة الذين يرتكبون الأعمال الوحشية –سواءاً كان الرئيس الأسد أو زعيم جماعة مسلحة في الكونغو– غالباً ما يرغبون في الاحتفاظ بسلطاتهم أو زيادتها. وهي سلطات سياسية واقتصادية وعسكرية، وهم يعتمدون على علاقاتهم مع الآخرين. يجب وضع استراتيجية لحماية المدنيين تدرس المصالح الحقيقية لهؤلاء الذين في السلطة، لتحديد كافة علاقاتهم السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تتيح لهم الفرص للاحتفاظ بسلطاتهم. من هذا التحليل، توجد استراتيجية دقيقة وأكثر تعقيداً تتعامل مع جميع أدوات السلطة المتاحة. ويجب تخصيص هذه الاستراتيجية لتحقيق نتائجها مجتمعة أفضل ما يمكن، مع تقييم التوازن بين النتائج المتوقعة والتركيز على التقليل من آثارها السلبية على المدنيين.
هؤلاء الذين في السلطة الذين يمارسون العنف ضد المدنيين هم عادة مرتبطون بمجموعة مصالح اقتصادية قوية، بل وربما هم أكثر حساسية للضغوط الاقتصادية من الضغوط العسكرية (في الواقع، يمكن أن تؤدي التهديدات العسكرية الخارجية أحياناً إلى تعزيز الدعم المحلي لمجموعة معينة، انظر كيف استفاد حزب الله من الهجمات الإسرائيلية على لبنان). العقوبات الاقتصادية ليست حلاً سحرياً، أياً كان الأمر، وربما في بعض الحالات تؤذي المدنيين أكثر بكثير مما يمكن تبريرها نتيجة تأثيرها. علاوة على ذلك، تماماً مثل القرارات العسكرية التي تميل إلى أن تكون على أساس جغرافي-سياسي وتنفصل عن مصالح المدنيين، فإن القرارات على أساس اقتصادي تميل إلى أن تكون منحرفة عن مصالح أصحاب النفوذ الاقتصادي ومضحية بأرباحهم لتحقيق مكاسب إنسانية غير مقبولة بالنسبة لهم. ينبغي ألا يكون مفاجأة عدم استطاعتنا السيطرة على تجارة الأسلحة، فعلى سبيل المثال، عندما تحقق مصالح متعددة الجنسيات ضخمة في الولايات المتحدة وأوروبا أموالاً كثيرة من وراء هذه التجارة؛ أو عندما نجد صعوبة في التنفيذ الكامل لأنواع أخرى من العقوبات "الذكية" حتى عندما تكون بدعم من مجلس الأمن للأمم المتحدة. حقيقة ليست من قبيل الصدفة، وهي أن العقوبات نادراً ما تستهدف الأثرياء على نحو فعال، ولكن بدلاً من ذلك غالباً ما تلحق أكبر المعاناة بالفقراء.
المغزى هنا ليس أن الإجراءات الاقتصادية هي أفضل أو أسوأ من مثيلتها العسكرية، بل أنه لا يوجد تسلسل هرمي بديهي فيما بينها. إذا تقرر اتخاذ قرارات حكيمة، فإنه يجب تقييم التكاليف والفوائد المترتبة على الإجراءات المختلفة بعناية، استناداً إلى التجارب السابقة وإلى الفاعلية الحقيقية لكل حالة قائمة. ولكن ليس هذا ما يحدث. ما يحدث بدلاً من ذلك هو هيمنة الأساطير والتحيز والخطابة على النقاش. لقد أصبح التقييم الحاسم للتوازن المتوقع من النتائج عبارة عن تعبيرات بلاغية تتزامن مع مقاطع صوتية، بدلاً من أن يكون شروطاً أساسية تحليلية لاتخاذ إجراءات.
طالما كانت النظرة إلى الخيار العسكري باعتباره قد يكون أكثر فعالية مما هو عليه في الواقع، وإلى الضغوط الاقتصادية والسياسية باعتبارها أقل فعالية مما قد تكون عليه، فسوف ينتج عن ذلك اتخاذ قرارات غير حكيمة. وهذه هي الطبيعة الأساسية للتحيز.

Read more
Get our weekly email
Comments
We encourage anyone to comment, please consult the oD commenting guidelines if you have any questions.