Home: Feature

رحلة البحث عن لقاح الكورونا في اليمن

مع رفض جماعة الحوثي استلام اللقاحات المقدمة من منظمة الصحة العالمية لاعتقادها بأن الجائحة مؤامرة كونية، كيف يستحصل اليمنيون على اللقاح؟

نجم الدين قاسم
07.10.2021 7.20am
عدم توفر لقاحات كورونا في صنعاء والمحافظات التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، هو بسبب عدم اعتراف الجماعة بالوباء
|
نجم الدين قاسم

في 31 آذار/ مارس تسلمت وزارة الصحة اليمنية في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي أول دفعة من 360 ألف جرعة من لقاح استرازينيكا مُقدمة من منظومة كوفاكس لكل المحافظات اليمنية بما فيها المحافظات التي تسيطر عليها جماعة الحوثي. حينما وصلت الدفعة الأولى من اللقاح إلى مطار عدن كانت اليمن تشهد موجة ثانية من انتشار فيروس كورونا في المناطق التي تسيطر عليها حكومة الهادي المعترف بها دوليا، في ظل تردي كبير في القطاع الصحي ومرافق الخدمات الطبية في اليمن بشكل عام.

أما وزارة الصحة التابعة لجماعة الحوثي التي تسيطر على العاصمة صنعاء والمحافظات الشمالية من اليمن فقد تكتمت عن الإعلان عن عدد المصابين بالفيروس، إلا أن ذلك لم يمنع الطواقم الطبية العاملة في المرافق الصحية في مناطق سيطرتها من التفاؤل بتخصيص جزء من الدفعة الأولى من اللقاح لتحصينهم.

"وصول اول دفعة من اللقاحات، تمثل طوق نجاة لليمنيين،" بحسب عبدالله علي طبيب الطوارئ في مستشفى الكويت بصنعاء، "كما أن جعل الأولوية في التحصين للكادر الصحي خطوة جيدة بالنسبة للصحيين بشكل عام، فنحن نتعامل مع الحالات المصابة بشكل يومي، وبسبب ذلك فقدنا الكثير من الزملاء الأطباء، ولا نريد فقدان المزيد". أمل عبدالله أن يتعامل أطراف الصراع في اليمن بجدية فيما يخص تلقيح المواطنين والكادر الصحي، وأن لا يدخلوا ذلك في حساباتهم السياسية، إلا أن ذلك لم يحدث في مناطق سيطرة الحوثيين.

مقالات مرتبطة

nawa_newsletter__3_.png
Sign-up for weekly highlights, recommendations and stories selected by our editors

Help us uncover the truth about Covid-19

The Covid-19 public inquiry is a historic chance to find out what really happened.

كانت وزارة الصحة في صنعاء التابعة لجماعة الحوثي قد طلبت في آذار/ مارس الماضي من منظمة الصحة العالمية الحصول على 10 ألاف جرعة من الدفعة الأولى، وذلك لتحصين الصحيين الذين يعملون في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة، ولكن في منتصف نيسان / إبريل قلصت الطلب إلى ألف جرعة بحسب ما أوردته منظمة الصحة العالمية في اليمن "على أن يتم تزويدهم بكميات أكبر في الدفعات القادمة". ولكن الجماعة رفضت ايضًا إستلام أي جرعات من لقاح جونسون&جونسون الذي وصل لليمن في 29 آب/ أغسطس الماضي، مُقدمًا من الولايات المتحدة الأمريكية.

اكتفت الجماعة بإستلام الألف جرعة فقط، والتي يقول مصدر مطلع في وزارة الصحة انها كانت مخصصة لتلقيح قيادات الجماعة.

UN0435052.JPG
تتخوف نسبة كبيرة من اليمنيين بسبب الشائعات حول الأضرار الجانبية للقاح
|
نجم الدين قاسم

تتخوف نسبة كبيرة من اليمنيين بسبب الشائعات حول الأضرار الجانبية للقاح وذلك رغم نفي وزارة الصحة في الحكومة المعترف بها دوليًا لتلك الشائعات. لذا لم يسارع العديد في بادئ الأمر إلى أخذ الجرعات. ولكن في 20 آيار/ مايو الماضي سبّب

منع المملكة العربية السعودية العمال اليمنيين من دخول أراضيها دون تقرير يثبت تلقّي الوافد للقاح ضغطًا كبيرًا على مراكز اللقاح، وخلق أزمة حقيقية أمام وزارة الصحة لتوفير الكمية الكافية من اللقاحات لكل المغتربين الذين يريدون العودة لأعمالهم خارج اليمن.

محمد العاقل واحد من حوالي 1.8 مليون عامل يمني في السعودية عليهم الحصول على جرعة من لقاح فيروس كورونا، ليتسنَ لهم العودة إلى أعمالهم. ليتمكن من الحصول على اللقاح قبل أن تنتهي مدة إقامته في ظل عدم توفر اللقاح في مناطق سيطرة الحوثي، انطلق العاقل من صنعاء برفقة 8 أشخاص في أوائل شهر حزيران/يونيو على متن سيارة دفع رباعي برحلة تستمر 17 ساعة نحو مدينة تعز التي تُسيطر عليها الحكومة المعترف بها.

تعز ليست الوجهة الوحيدة التي يقصدها المواطنون من سكان المحافظات الشمالية التي يسيطر عليها الحوثيين في ظل غياب اللقاحات فيها. هناك الكثير من الذين يتجهون ايضًا إلى محافظة مأرب، وعدن، وشبوة، وكذلك محافظة حضرموت. فقد افتتحت وزارة الصحة مع منظمة الصحة العالمية في اليمن مراكز في كل هذه المحافظات، وخصصت عددًا منها للمسافرين، في محاولةً منهما لتخفيف الازدحام عن مراكز محافظتي تعز ومأرب.

الحوثيون ونظرية المؤامرة

تقول الدكتورة إشراق السباعي الوكيل المساعد لقطاع السكان بوزارة الصحة التابعة للحكومة الشرعية، أن سبب عدم توفر لقاحات كورونا في صنعاء والمحافظات التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، هو بسبب عدم اعتراف الجماعة بالوباء، وأن وزارة الصحة مستعدة لتوفير اللقاحات لكل المحافظات اليمنية، ولكن الحوثيين لا يريدوا التعاون لأنهم يرون أن الوباء مؤامرة عالمية.

وكان عبد الملك الحوثي زعيم الجماعة، قال في خطاب متلفز له في 21 آذار/ مارس 2020 أن وباء كورونا حرب بيولوجية، تصنعها الدول المتطورة في معامل بإمكانيات عالية، من فيروسات وجراثيم وهناك دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لاستغلال هذه الفيروسات والاستفادة منها للفتك بالبشر وإلحاق الضرر بدول ومجتمعات بحسب قوله.

جاء ذلك بعد أيام من إعلان منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا جائحة عالمية، الأمر الذي جعل الكثير من أتباع الجماعة، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي يروجون لشائعات وأخبار مضللة فيما يتعلق بالوباء، كما امتنعت وزارة الصحة التابعة للجماعة عن الإعلان عن حالات إصابة عدا 4 حالات وفاة في 5 ايار/ مايو من العام الماضي، ولم تُعلن عن أي إحصائيات أخرى فيما يتعلق بعدد الإصابات أو أعداد الوفيات بالفيروس حتى نشر هذا التقرير.

مراكز لقاحات كورونا في تعز.jpg
يصل العاقل إلى مستشفى المظفر بمدينة تعز بعد رحلته الشاقة. حينها كان الفناء الخلفي للمستشفى يكتظ بمئات الأشخاص
|
نجم الدين قاسم

وفي مقابلة تلفزيونية له يبرر عضو المجلس السياسي الأعلى التابع للجماعة محمد البخيتي ذلك "أن سياسة عدم الإفصاح عن عدد حالات الإصابة في مناطق سيطرتهم ساهمت بعدم إثارة الرعب في أوساط المواطنين، مما أدى إلى تقليل نسبة المتوفين جراء الفيروس، ويرجع أن نسبة الوفيات المرتفعة في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المُعترف بها دوليًا كان بسبب الإحصائيات والأرقام التي يتم الإعلان عليها بشكل يومي ما رفع حالة الخوف والهلع بين المدنيين".

في حين رفض مدير عام الخدمات والطوارئ بوزارة الصحة التابعة لجماعة الحوثي، الدكتور علي المفتي، الإدلاء بأي تعليق إزاء امتناع الوزارة الحوثية عن استلام اللقاحات المقدمة من منظمة الصحة العالمية.

ازدحام وعشوائية في مراكز التلقيح

يصل العاقل إلى مستشفى المظفر بمدينة تعز بعد رحلته الشاقة. حينها كان الفناء الخلفي للمستشفى يكتظ بمئات الأشخاص الذين يفترشون الأرض تحت أشعة شمس الصيف الحارقة في انتظار دورهم لأخذ اللقاح وتسجيل بياناتهم التي من خلالها يستطيعون الحصول على الشهادات الخاصة باللقاح. معظمهم من المغتربين اليمنيين لدى المملكة العربية السعودية.

في الوقت ذاته كانت المستشفيات ومراكز الحجر الصحي في المدينة تستقبل عشرات الحالات من المُشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا. " بعد أسبوع من فتح مراكز إعطاء اللقاحات بالمحافظة في شهر حزيران/يونيو، كانت تصل إلينا يوميًا عشرات الحالات المصابة بالوباء وحالات يُشتبه بإصابتها،" يقول وليد العامري مدير مركز العزل الصحي بمستشفى الجمهوري بمحافظة تعز، "كان ذلك بسبب الإختلاط والازدحام الحاصل أمام مراكز التطعيم، وعدم تطبيق إجراءات التباعد، وهذا جعل الوباء أكثر إنتشارًا تلك الفترة".

مراكز لقاحات كورونا في تعز 5.jpg
طوال أربعة أيام اننظر العاقل في طوابير طويلة أمام مركز اللقاح
|
نجم الدين قاسم

كما رأى العامري أن الطريقة التي كان يتم إعطاء اللقاح فيها للأشخاص كانت عشوائية وغير منظمة، مما جعل الناس يتزاحمون أمام المراكز لأخذ اللقاحات، خوفًا من أن تنفذ الجرعات وأن لا تكفيهم. ويجدر الإشارة إلى أنه منذ منتصف تموز/ يوليو من العام الجاري، بدأت وزارة الصحة بالتسجيل المُسبق لأخذ اللقاح الأمر الذي ساهم في منع الازدحام حيث يأتي كل شخص لأخذ جرعة اللقاح بالموعد التي تحدده فرق التطعيم عبر رسالة نصية.

الاستثمار في الأزمة

طوال أربعة أيام اننظر العاقل في طوابير طويلة أمام مركز اللقاح منذ الساعة 8 صباحًا حتى 1 مساء حين ينتهي الدوام ليعود الذين لم يأتي دورهم في اليوم التالي. وفي اليوم الرابع، جاء إليه أحد السماسرة، وعرض عليه أن يبيعه شهادة تطعيم جاهزة باسمه بمبلغ 800 ريال سعودي، دون أن يأخذ الجرعة واصفًا له أن اللقاح غير آمن وله اعراض جانبية. لكن العاقل رفض لأن الدور كان قد وصل إليه، ولولا ذلك لما تردد في قبول عرض التقرير المزور.

وكانت قد نشطت خلال حزيران/ يونيو مجموعات تعمل على بيع وتزوير شهادات اللقاح الكرتونية للمسافرين والمغتربين دون تلقيهم اللقاح، مستغلين بذلك حاجة الناس لهذه الشهادات التي أصبحت ضرورية في معاملات السفر خاصة في محافظة تعز، مارب وعدن. هذا الأمر دفع وزارة الصحة التابعة للحكومة المعترف بها دوليا الى اطلاق منصة خاصة لإصدار شهادات إلكترونية، وإلغاء اعتماد الشهادات الكرتونية، في محاولة منها للقضاء على هذه المشكلة.

ولكن التزوير لم يقتصر على الشهادات الورقية، فقد تمكن مبرمجون من استغلال ثغرات أمنية واخترقوا المنصة الخاصة بإصدار الشهادات الإلكترونية، وعملوا على إدخال بيانات لأشخاص لم يتلقوا اللقاح وأصدروا لهم شهادات إلكترونية بمبالغ مالية كبيرة، وصلت إلى 1500 ريال سعودي، قبل أن تنتبه وزارة الصحة لهذه الثغرة، وتقول أن الفرق الفنية التابعة للوزارة ومنظمة الصحة العالمية تعمل على معالجة هذه المشكلة وتأمين المنصة.

في 22 أيلول / سبتمبر وصلت الدفعة الثانية من اللقاح وبعدها بأسبوع حصل العاقل على جرعته الثانية. ولكن مع استمرار الحرب والأزمات في البلاد ما زال اليمن بعيدا جدا عن تحقيق حماية كافية للجميع.

We’ve got a newsletter for everyone

Whatever you’re interested in, there’s a free openDemocracy newsletter for you.

Had enough of ‘alternative facts’? openDemocracy is different Join the conversation: get our weekly email

تعليقات

نشجّع أي شخص على التعليق. الرجاء الرجوع إلى openDemocracy تعليمات أسلوب التعليق الخاص ب ن كان لديك أسئلة
Audio available Bookmark Check Language Close Comments Download Facebook Link Email Newsletter Newsletter Play Print Share Twitter Youtube Search Instagram WhatsApp yourData