Home

العاملات المنزليات في لبنان: عنف متزايد في ظل أزمة صحية واقتصادية وحقوقية

من يحمي العاملات المنزليات في لبنان من العنف المتزايد خلال التعبئة العامة والأزمة الاقتصادية؟

زهراء الديراني
12.05.2020 12.01am
Migrant women demonstration in Lebanon. 26 August 2019
|
From Anti-racism movement Facebook Page / @ARMLeb

مشهد قصير: عاملة منزلية تبكي في الكرم

الساعة الخامسة عصراً من اليوم العشرين من إعلان مجلس الوزراء في لبنان حالة الطوارىء الصحية والتعبئة العامة بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد. وفي اللحظة التي قررت فيها أن أبدأ بكتابة تحقيق عن العنف ضد النساء في الحجر المنزلي، سمعت صوت إخوتي ينده لي كي أخرج لأرى ما يحصل أمام منزلنا.

كانت زينة، عاملة منزلية، من إثيوبيا، وهي سيدة تعمل في أحد البيوت في محافظة بعلبك الهرمل. هاجرت إلى لبنان منذ تسعة أشهر، تجلس في كرم العنب أمام منزلنا وتضع على فمها رقعة بيضاء ملطخة بدم يخرج من شفتها العلوية. تبكي وكأنها فقدت عزيز. هربت من منزل "المدام" أو "ماما" - الكلمتان العصريتان لمعنى سيدة المنزل - الذي تعمل فيه.

ابتعدت العاملة قدر ما أمكنها عن المنزل الذي بدا جلياً أنها تعرضت فيه للضرب. وعلى الفور تواصلت مع ناشط من شبكة التضامن "ميسوات - Mesewat" التي تعمل على دعم العاملات المنزليات في لبنان والشرق الأوسط. تحدث الناشط صموائيل مع العاملة باللغة الإثيوبية الرسمية، اللغة الأمهرية، وحاول أن يفهم ما الذي جرى، كي يضع أمامها الإحتمالات التي تستطيع اللجوء إليها، والتي هي إما أن تعود إلى البيت الذي تعمل فيه، أو أن تلجأ إلى قوى الأمن الداخلي، وفي هذه الحالة تقوم شبكة التضامن بمساندتها، وهنا تصبح المشكلة أكثر تعقيداً، حسب ما أفاد صموئيل في إتصال هاتفي معي، حيث أنه في هذه الظروف التي يعيشها البلد، لا يوجد حلول عملية لمساعدة العاملات المنزليات.

سيناريو زينة هو سيناريو متكرر لدى عدد كبير من العاملات المنزليات، لكن اليوم أضيف إليه عامل قانون التعبئة العامة الذي مُدد حتى الرابع والعشرين من شهر أيار/مايو مع الحجر المنزلي، بالإضافة إلى الإشراف على إنهيار إقتصادي في لبنان. في زيارة لها، قالت لي صاحبة المنزل الذي هربت منه زينة، أن زينة هي التي سببت الأذى لنفسها وضربت رأسها في الحيط وهربت، مضيفةً أن زينة تظن أن أصحاب العمل يحبسونها في ظل الحجر الصحي، وأنهم لا يريدون إرسال أجرها إلى أهلها في إثيوبيا. وتقول أنها اتصلت بمكتب الخدمات الذي استحضرت منه العاملة وقال لها أنه لا يستطيع استقبالها لأنه غير مجهز لاستقبال العاملات. أما بالنسبة لأجرها فالتحويلات الآن ممنوعة. ما يناقض رواية زينة التي تقول أنهم ضربوها وحاولوا خنقها، وهم يجبرونها على العمل في أكثر من منزل ولم يدفعوا لها أجرها.

Help us uncover the truth about Covid-19

The Covid-19 public inquiry is a historic chance to find out what really happened.

عادت زينة مجبرة إلى البيت إذ لا خيار لديها، حيث أن المطار مغلق والمواصلات العامة متوقفة عن العمل، وليس لديها حلاً إلا أن تعود إلى أهل البيت الملتزمين بالحجر وبالتعبئة العامة.

العاملات المنزليات: من يحميهن من العنف؟

قصة زينة تتكرر بصور مختلفة، إذ رأينا عاملات يهربن من منازلهن، وسمعنا عن محاولات إنتحار، وشهدنا بأم أعيننا أناس تعرض العاملات للبيع على مواقع التواصل الاجتماعي، وفيديوهات لعاملات تشكون من ضربهن وحجرهن من قبل أن يبدأ الحجر المنزلي، وتسجيلات صوتية لعاملة تطلب النجدة وبعد أيام تنتحر. إنما الفرق الوحيد بين زينة وباقي من سمعنا عنهن في الإعلام أن زينة تعيش في منطقة تعتبر نائية عن المدينة، ولم ترصدها كاميرات الهواتف، ولم يحكي عنها الإعلام.

منذ 15 آذار/مارس تاريخ إعلان التعبئة العامة في بيروت حتى تاريخ اليوم، ونحن نشهد ارتفاعاً في معدلات نسب التبليغ عن حالات العنف التي وصلت إلى أكثر من 100% في شهر آذار، بحسب ما صدر عن قوى الأمن الداخلي والجمعيات التي تعمل على مناهضة العنف ضد النساء، أمثال منظمة كفى عنف واستغلال والتجمع النسائي الديمقراطي اللبناني ومنظمة أبعاد، في حين أن هذه النسب لم تشمل العاملات المنزليات ضحايا العنف والحجر المنزلي، وذلك لعدم تواجد فرص عمليّة أمام العاملات للتبليغ عن العنف.

يشير التقرير الذي نشرته منظمة كفى عنف واستغلال في 30 نيسان 2020 حول "واقع كورونا على عاملات المنازل في لبنان" إلى الخسائر الكبيرة التي تكبدها الناس خلال الأزمة الاقتصادية والتي تبعها انتشار فيروس كورونا، ما حد من قدرة أصحاب عمل العاملات على تأمين أجورهن بالدولار، وما جعل الإمتناع عن الدفع للعاملات المنزليات أمراً واقعاً. كذلك وبحسب التقرير، أن أصحاب العمل خلال فترة التعبئة العامة يقيمون في المنزل ليلاً نهاراً، ما يعني عملاً إضافياً ملقى على عاتق العاملة، وساعات عمل إضافية.

في اتصال هاتفي مع منظمة كفى عنف واستغلال للتبليغ عن حالة العنف التي تعرضت لها زينة، العاملة الإثيوبية الموجودة في المشهد القصير، وبعد عودتها إلى منزل كفيلتها، علمت بوجود برنامج للعاملات المنزليات وخط ساخن للتبليغ عن حالات عنف، كما طلبت مني عاملة الهاتف تزويدها بالمعلومات عن زينة. أثناء الاتصال سألت عن الطريقة الأسرع لطلب المساعدة في حال تعرض أي عاملة للعنف، كان الجواب هو الاتصال بقوى الأمن الداخلي أولاً، أو الإتصال على رقم المنظمة الساخن المخصص للعاملات، كما أكدت عاملة الهاتف أن منظمة كفى اليوم تواجه أزمة في حماية العاملات المنزليات لأن الخيارات أصبحت معدومة أمام الإغلاق الشبه كامل في البلد.

وفي التقرير الذي نشرته كفى على موقعها الإلكتروني، أكدت المنظمة أن "العديد من الإتصالات التي ترد على خط الدعم في كفى المخصّص للنساء ضحايا الإتجار، هي من أرباب عمل يبلّغون عن عاملات منازل حاولن الانتحار، أو حاولن رمي أنفسهنّ من الشرفات، أو يُخبرون عن وضع نفسي صعب تعاني منه العاملة ولا يعرفون كيف يتصرّفون معها. ومنهم من يسأل ماذا يمكن فعله بموضوع الأجور وهم لا يملكون دولارات وعاجزين عن دفع بدل الدولار حسب سعر السوق. كما أن هناك اتصالات تردنا من أفراد شاهدوا عاملات في الشارع في وضع نفسيّ سيئ للغاية". وفي هذه الحالة تؤكد كفى أن المنظمة أمام حائط مسدود وذلك بسبب صعوبة تأمين الإستشفاء، خصوصاً أن "الأطباء النفسيين الشرعيين لا يتنقّلون للكشف على العاملة بسبب الحجر المنزلي. ومراكز الإيواء الموجودة لا تستقبل أشخاصاً جدد في المرحلة الحالية، وتحديداً إذا كانت العاملة تعاني من إضطرابات نفسية، لأن ليس هناك فريق متخصّص لمثل هذه الحالات."

"لبنان هو واحد من أسوأ البلدان من حيث معاملة العمال والعاملات المنزلين/ات، وخير دليل على ذلك هو عدد العاملات اللواتي يدخلن لبنان أحياء وبكامل صحتهن ليخرجن منه جثثاً من دون محاكمة للمجرمين أو المجرمات"

ولمعرفة المزيد من المعلومات حول أوضاع العاملات الإثيوبيات في لبنان ولأخذ فكرة عامة عن باقي العاملات خلال الظروف التي فرضتها جائحة كورونا، أكدت لنا مصادر من داخل القنصلية الإثيوبية خلال اتصال هاتفي أن السفارة تسعى بالتنسيق مع الأمن العام على مساعدة العاملات من الجالية الإثيوبية، بالإضافة إلى أن القنصلية كانت تعمل على إتمام اتفاقية مع الحكومة اللبنانية لتسوية وضع العاملين والعاملات وترحيلهم إلى بلدهم، خصوصاً أن أزمة لبنان لم تبدأ مع تفشي وباء كورونا، بل منذ بداية ثورة 17 تشرين أول/أكتوبر 2019 والتي شملت أزمة مصارف وأزمة اقتصادية ومعيشية.

أما الجدير ذكره أنه في تاريخ 11 تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، وجهت مجموعات إثيوبية في لبنان رسالة إلى رئيس الوزراء الإثيوبي طالبةً منه التدخًل لحثّ القنصلية على القيام بواجبها، تحت عنوان "لقد سئمنا من العودة جثثًا إلى بلدنا، نطالب بإجراءات فورية لوضع حد لقتل العاملات الإثيوبيات في لبنان وانتهاك حقوقهن". وأشارت الرسالة أن العديد من العاملات يعانين، وبشكل يومي، من إساءات وانتهاكات لا توصف. وأنه منذ العام 2019 ولهذا اليوم، توفيت 36 عاملة إثيوبية على الأقل في لبنان، وفقًا لتصاريح غير رسمية صادرة عن القنصلية الإثيوبية. ومن المرجح أن الرقم الحقيقي أعلى بكثير. وقد ورد في الرسالة عدد العاملات الإثيوبيات الذي بلغ 161,311 عاملة نظامية مسجلة لدى الأمن العام، بالإضافة إلى نحو 100,000 عاملة غير نظامية أجبرت على مخالفة شروط إقامتها بسبب طبيعة نظام الكفالة الذي يفرض هذا الواقع على العاملات.

من يحمي العاملات المنزليات من العنف المنزلي؟

لا تتمتع عاملات المنازل المهاجرات في لبنان بحماية قانون العمل، لذلك هن لا يحتجن إلى ظروف صحية إستثنائية أو طارئة حتى يسوء وضعهن. أما الإطار القانوني الذي ينظم دخول عاملات المنازل المهاجرات وإقامتهن وعملهن في لبنان فهو نظام الكفالة وهو عبارة عن مجموعة من القوانين والمراسيم والقرارات الوزارية والأنظمة والممارسات العرفية، الصادرة في عام 1962.

وفي الوقت الذي ترتفع فيه حالات العنف ضد النساء في لبنان وحول العالم تغيب أطر حماية العاملات الأجنبيات أو المهاجرات على ضوء خرق واضح لاتفاقيات حقوق الإنسان وإلتزامات لبنان الدولية، منها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية رقم 29 لمنظمة العمل الدولية المتعلقة بالعمل الجبري.

في لقاء مع الناشطة فرح سلكا من حركة مناهضة العنصرية في لبنان، وهي الحركة التي تكاد تكون الوحيدة التي تشارك العمال والعاملات الأجانب في عمل المناصرة على مناهضة أشكال العنصرية والعبودية التي يتعرض لها العمال الأجانب، تقول: "الوضع حالياً متأزم على أكثر من منحى، في الأيام العادية عندما كان الوضع طبيعياً في لبنان كان نظام الكفالة مؤدياً دوره وأكثر في تعنيف العاملات المنزليات وممارسة العنصرية، وعدم شمل هذه الفئات في قانون عمل عادل. هذا النظام المهمش للفئات العاملة لا يرى العاملات والعاملين بشراً ولا حتى فئات عاملة، هو ينتهك حق العاملات في ظل عدم وجود آلية واضحة لمساعدتهم/ن أو تقديم شكاوى".

وتضيف سلكا لتشرح عن حال العاملات المنزليات في لبنان "لم يعد سراً أن لبنان هو واحد من أسوأ البلدان من حيث معاملة العمال والعاملات المنزلين/ات، وخير دليل على ذلك هو عدد العاملات اللواتي يدخلن لبنان أحياء وبكامل صحتهن ليخرجن منه جثثاً من دون محاكمة للمجرمين أو المجرمات، وهذا الأمر يحصل أسبوعياً من دون تحريك ساكن". ولعل آخر مثال عن هكذا حوادث كان قضية انتحار العاملة المنزلية فوستينا تاي من الجنسية الغانية في منتصف شهر آذار 2020.

وبحسب سلكا، أن الأرقام التي حصلت عليها من الأمن العام اللبناني لعام 2019 تشير إلى أن "هناك حالتي وفاة في الأسبوع وسط العاملات المنزليات". موضحة أن هذه الحالات هي الحالات الموثقة فقط، مع الإشارة إلى أنه لم يتم محاسبة عائلة لبنانية واحدة على موت أي عاملة، وهذا ما يشجع العنف وتزايد معدل الجريمة بحق العاملات المنزليات.

الحجر المنزلي زاد الوضع سوءاً

في لبنان يمكن القول أن هناك فئتين من العاملات المنزليات، الفئة الأولى وهن اللواتي يعملن ضمن عقد في منازل كفلائهم، أما الفئة الثانية هن أولئك اللواتي يتقاضين أجرهن على ساعات العمل، وهناك جزء كبير من هؤلاء من غير أوراق قانونية، يعشن في بيوت يستأجرونها، وهن أصلاً وضعهن غير قانوني، إذ أنهن في أغلبهن يكنّ قد تركن منازل كفلائهن. وهن مسؤولات عن معيشتهن اليومية ومسكنهن. بعد الحجر المنزلي، توقّف أو خفّ عملهنّ وبالتالي بتن عاجزات عن دفع الإيجار وتأمين قوت يومهنّ وطبابتهنّ، خاصة وأن وزارة الصحة لا تغطّي طبابة الأجانب وليس لديهن أي ضمان صحّي. كما أنهن بأغلبيتهن، يسكن في مناطق مهملة وفي مساكن مكتظة، وذلك لا يقيهن من المرض.

يقول علي الأمين رئيس نقابة أصحاب مكاتب استقدام العاملات في الخدمة المنزلية خلال إتصال هاتفي: "أن العاملات اللواتي يعملن بشكل حر يعملن بشكل غير شرعي وغير قانوني، وكل من يمارس العمل الحر لا يوجد لديه غطاء صحي وبالتالي هو غير محمي قانونياً أو صحياً. أما اللواتي يعملن ضمن عقد لهن تأمين صحي إلزامي ويتم الإهتمام بهن عبر بوليصة التأمين".

أما تعليقه على الأزمة الإقتصادية وما تبعها من انهيار الليرة اللبنانية يشدد النقيب على "دفع الأجور بالعملة الأجنبية كما كان متفق عليه في عقد العمل. إذ لاعلاقة للعاملة إذا كان سعر صرف الدولار 1500 ليرة لبنانية أو 5000 ليرة"، مشدداً على أن الراتب يجب أن يدفع كما تم التعاقد عليه، وهذا لا يتنافى مع القانون اللبناني.

وفي نظرة سريعة على عقود العمل الموحدة بين العاملات وأصحاب العمل نرى أن بعض عقود العمل تورد في البند السادس عادة ما يلي: يتعهد الفريق الأول (رب العمل) أن يدفع للفريق الثاني (العاملة) بنهاية كل شهر عمل كامل أجره الشهري البالغ مائتي ألف ليرة لبنانية لا غير وبدون أي تأخير غير مبرر. واليوم وفي ظل الأزمة الاقتصادية وقرار التعبئة العامة الذي تقرر تخفيفه على خمس مراحل في لبنان، فقدت معظم العاملات المنزليات أكثر من خمسين في المئة من رواتبهم، علماً أن سعر الدولار اليوم يتراوح من ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف ليرة لبنانية. وفي هذا الصدد تقول سلكا من حركة مناهضة العنصرية: "تتقاضى العاملات المنزليات مبالغ تعتبر متدنية، تتراوح بين 150 و200 دولاراً أميركي، علماً أن الدولار يحسب على سعر الصرف وليس سعر السوق السوداء، كما أن التحويل إلى الخارج أصبح صعباً مع تبدل قرارات التحويل من يوم إلى يوم، وهذا ما يضع العاملات المنزليات اللواتي أتين إلى لبنان في الدرجة الأولى لمساعدة ذويهم في مشكلة حقيقية".

وفي تقرير كفى، ذكرت المنظمة أن بعض أرباب العمل الذين لم يعد بمقدورهم دفع مستحقات العاملة أو الذين لم يعد يريدون أن تبقى في منزلهم، لجأوا إلى طرق غير أخلاقية وغير قانونية، من خلال وضع العاملة في الشارع، وتقديم بلاغاً بأنها هربت للحد من مسؤوليتهم، وآخرون أعلنوا عن رغبتهم في بيعها.

مكدس، وهي عاملة أثيوبية أصبحت ناشطة حقوقية، تؤكد أن العاملات اليوم يواجهن صعوبات معيشية كانت موجودة قبل تفشي فيروس كورونا واليوم باتت تتفاقم مع اشتداد الأزمة، تقول: "المشكلة بدأت مع انهيار الليرة اللبنانية، وبعد ظهور كورونا طردت الكثير من العاملات، ولم يتم إعطائهن مقابل أتعابهم، كذلك تكدست معاشات العاملات حتى وصل الأمر بأرباب العمل إلى عدم القدرة على الدفع". حالياً تحاول بعض العاملات اللواتي يعملن بأجرة الساعة، الاعتماد على ما أدخرنه ومساعدة بعضهن البعض". وجواباً على سؤال إذا ما كان أحداً يقدم مساعدات لهؤلاء العاملات تجيب مكدس: "ما من سفارة تساعدنا والدولة اللبنانية لا تساعد أيضاً". تضيف أنه سابقاً كان هناك بعض الجمعيات التي تعمل على قضايا حقوق المرأة والعمال وتقوم بتقيدم المساعدة، أما اليوم فلا نراها". تقول أنه لم تعد العاملات قادرات على دفع إيجارات الغرف التي يعشن بها وأنهن يتشاركن الطعام الذي يشترونه من مدخراتهن.

"هذا النظام المهمش للفئات العاملة لا يرى العاملات والعاملين بشراً ولا حتى فئات عاملة، هو ينتهك حق العاملات في ظل عدم وجود آلية واضحة لمساعدتهم/ن أو تقديم شكاوى"

أما عن المشاكل التي تتعرض لها العاملات من الفئة الأولى كما تشرح مكدس فأن العاملة لا تعرف شيئاً عن فيروس كورونا وما يجري من حولها، لأنها تقضي كل وقتها في المطبخ وأعمال المنزل، مضيفةً أن الكثيرات من اللواتي وصلن مؤخراً إلى لبنان لا يفهمن اللغة العربية، وكل ما يعرفنه أنه في نهاية الشهر سيقبضون أجرهن. ولذلك عندما تطالب العاملة بأجرها وصاحب العمل لا يملك السيولة لدفع المعاش، ومع غياب لغة التفاهم يؤدي ذلك إلى التصادم.

حسنى وهى عاملة من بنغلادش من الفئة الثانية، كانت تعمل في مجال التنظيف قبل إعلان قرار التعبئة العامة في لبنان وتتقاضى مبلغ ثمانية دولارات في الساعة، كانت تجمع ما تجنيه وترسله إلى أمها المريضة في بنغلادش وإلى أولادها الإثنين، لكن اليوم لم تعد قادرة حتى على إعالة نفسها لأن التنقل بات شبه ممنوعاً.

على الحكومة اللبنانية أن تضع خطة إستجابة تشمل كل المقيمين في لبنان

تشير دراسة أعدتها منظمة العفو الدولية في العام 2019 إلى أنه يعيش في لبنان ما يزيد عن 250,000 من عمال المنازل المهاجرين القادمين من بلدان أفريقيا وآسيا، الذين يعملون في المنازل الخاصة، وتشكل النساء أغلبيتهم العظمى. هذا الرقم يضع هؤلاء الناس أمام خطر كبير، خصوصاً أن جزءاً منهم غير مشمول بتأمين صحي ويعيش في أماكن غير لائقة للسكن، الأمر الذي يضاعف من حجم الخطر في احتواء هذا العدد الكبير وخروج الأمور عن سيطرة الأجهزة المعنية التي كانت دائماً ولازالت حتى اليوم تستثني هذه الفئات من حساباتها وسياساتها.

وفي هذا السياق ناشدت حركة مناهضة العنصرية في بيان لها نشر على موقعها، الحكومة اللبنانية من أجل شمل المقيمين غير اللبنانيين في خطط الاستجابة لفيروس كورونا من دون أي تمييز، وأكدت أن خطط الاستجابة الشاملة يجب أن لا تكون خياراً بل هي ضرورة. وذكر البيان أن خطط الإستجابة لفيروس كورونا تستهدف اللبنانيين فقط. إلا أن الفيروس لا يستهدف أشخاصاً دون غيرهم استناداً إلى جنسيتهم أو وضعهم القانوني. وأكد البيان أن أي خطة استجابة لا تشمل غير اللبنانيين هي خطّة ناقصة وتضع جميع سكان لبنان، اللبنانيين وغير اللبنانيين منهم، في دائرة الخطر.

وتجدر الإشارة هنا أن منظمة كفى تستمر في تقديم الدعم القانوني والاجتماعي للعاملات اللواتي يصلن إلى مراكز المنظمة ويكنّ ضحايا عنف واستغلال. وقد خصّصت كفى ضمن قدراتها المحدودة واستجابةً لأزمة كورونا، بدلاً معيشياً للعاملات اللواتي تستطيع المنظمة الوصول إليهن. كما أن الأخيرة بصدد تطوير توقيع اتفاق مع مستشفى Hotel Dieu في بيروت لإجراء فحص الكورونا للعاملات المنزليات، وبحسب النتيجة، يحوّلن إما إلى مستشفى حكومي أو إلى مراكز استقبال خصّصته كفى للحالات الجديدة لمدّة تتراوح بين الـ 15 يوماً والشهر، إلى حين يتم نقلهنّ إلى المأوى المخصّص لضحايا الإتجار بالبشر ومتابعة التحقيقات مع المخافر.

وبينما تحاول معظم الحركات الحقوقية إحتواء حجم الخطر، يجوز لفت النظر إلى أن إعلانات أرقام الخطوط الآمنة المتوفرة في الجمعيات لطلب الدعم أو التبليغ تكون إجمالاً موجهة للبنانيات باللغة العربية أو الإنكليزية، حيث لم نشهد يوماً أي إعلانٍ باللغة الأمهرية مثلاً، علماً أن الحكومة هي العنصر الفاعل الوحيد لتغيير خطط الاستجابة وتقديم الدعم والحماية للعاملات الأجنبيات في لبنان.

We’ve got a newsletter for everyone

Whatever you’re interested in, there’s a free openDemocracy newsletter for you.

Had enough of ‘alternative facts’? openDemocracy is different Join the conversation: get our weekly email

تعليقات

نشجّع أي شخص على التعليق. الرجاء الرجوع إلى openDemocracy تعليمات أسلوب التعليق الخاص ب ن كان لديك أسئلة
Audio available Bookmark Check Language Close Comments Download Facebook Link Email Newsletter Newsletter Play Print Share Twitter Youtube Search Instagram WhatsApp yourData