وفي إحصائيات أبريل/نيسان من العام الماضي وصلت نسبة المواطنين في بريطانيا ممن يشعرون بالقلق على صحتهم النفسية إلى ٤٣٪، أما في الولايات المتحدة كان لدى ما يقارب ٣٨٪ من السكان هاجس بخصوص صحتهم النفسية، وفي ألمانيا فقد وصلت النسبة إلى قرابة ٣٤٪ من المواطنين. وفي إحصائية أخرى في البلدان الثلاثة كانت أهم المواضيع التي تقلق المواطنين خلال الجائحة هي صحة العائلة، الحالة الاقتصادية والاستقرار السياسي في البلد، والوضع المادي والصحة النفسية.
ظروف صعبة
ينتظر اللاجئون الذين يعانون من أمراض وصدمات نفسية في ألمانيا ما معدله سبعة أشهر لتلقي العلاج النفسي. وفي واحد من كل ثلاث مراكز علاج نفسي في البلاد، يضطر اللاجئون إلى الانتظار ما بين تسعة أشهر وسنة ونصف لتلقي العلاج النفسي.
بحسب تقرير التوريد الحالي لمجموعة العمل الفيدرالية للمراكز النفسية والاجتماعية للاجئين وضحايا التعذيب (BAfF) فإن أكثر من ٧٦٠٠ لاجئ يبحثون عن الدعم في المراكز النفسية والاجتماعية ولا يمكن نصحهم أو الاعتناء بهم على الإطلاق. لهذا السبب لم يتم تقديم أي علاج نفسي لهم.
ألمانيا التي تحتضن قرابة ١،١ مليون لاجئ بحسب موقع المفوضية السامية للاجئين لا تزال تستقبل طلبات لجوء رغم انخفاض أعداد الواصلين إليها. استناداً لموقع دائرة الهجرة واللاجئين في ألمانيا فقد قدم ما يقارب ١٧٢٩٩ شخصاً طلبات لجوء في ألمانيا هذا العام، ينحدر ٦٧٩١ شخصا منهم من سوريا، ٢١٣٦ من العراق والباقي من أفغانستان.
عمر، شاب سوري يعيش في جنوب ألمانيا ويعمل حاليا في توزيع الإعلانات بعد انتهائه من تعلم اللغة الألمانية. يتحدث عمر عن أعراض للمزاج الاكتئابي بدأت تظهر لديه منذ بداية الجائحة. ويقول الشاب البالغ من العمر ٢٢ عاما أنه كان يرغب في البدء بتدريب مهني بعد دورة اللغة: "عندما بدأت الجائحة بدأت الشركات المتوسطة بتخفيض عدد الموظفين ورفض المتدربين. بالنسبة لي كان الحصول على قبول أمرا مستحيلا، بسبب توقف مقابلات العمل وتقليص عدد المقبولين إلى حد ضئيل جعل مني رقما خارج حسابات أصحاب العمل".
يشتكي عمر من تدهور قدراته اللغوية بسبب ممارسته العديد من الأعمال المتنوعة في السنة الماضية التي لا تتطلب الحديث مع الزبائن، ويوضح أن وضعه الحالي وعدم الاستقرار أوصل بحالته النفسية إلى وضع غير جيد: "حاليا أنا بحاجة المال وبحاجة الحصول على تدريب مهني، لكن لم أحصل على أي منهما. الأعمال التي قمت بها كانت فقط لساعات محدودة بأجر زهيد لا يلبي جميع احتياجاتي. تعرضت لحالة يأس في أول وثاني إغلاق عام حدث في ألمانيا، والآن أشعر باكتئاب بسبب الحديث عن اقتراب الإغلاق الثالث هنا بعد ارتفاع أعداد الإصابات مرة أخرى".
يرفض عمر حالياً البحث عن دعم نفسي على الرغم من معرفته بأن لديه "اكتئاب بسيط" كما يصف. بالنسبة له تعتبر زيارة الطبيب ضرورية في حال تدهور صحته النفسية ويقول في نهاية حديثه "كل ما أحتاج إليه حاليا هو الأمل".
حاجة ملحّة
يحتاج ما لا يقل عن اربعون ألف طالب لجوء ولاجئ معترف بهم في ألمانيا إلى العلاج ، وفقًا لتقديرات الغرفة الفيدرالية للمعالجين النفسيين (BPtK). ويعاني كل لاجئ بالغ من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) أو الاكتئاب. أما عند الأطفال اللاجئين فيكون معدل اضطراب ما بعد الصدمة أعلى بـ ١٥ مرة من الأطفال الألمان. علماً أن معظم هؤلاء اللاجئين كانوا يواجهون صعوبات في الحصول على رعاية نفسية حتى قبل جائحة كورونا.
تعليقات
نشجّع أي شخص على التعليق. الرجاء الرجوع إلى openDemocracy تعليمات أسلوب التعليق الخاص ب ن كان لديك أسئلة